وزارة الشؤون البلدية مجتهدة في الدعاية لانتخابات المجالس البلدية القادمة، حتى يظن المتابع أن الوزارة تهمها الانتخابات البلدية أكثر من المواطنين. وهذا صحيح. فالمواطن الذي كان يتوقع أن يكون نظام المجالس البلدية هو ذاته الذي صدر في منتصف تسعينات القرن الهجري الماضي فوجئ بنظام مختلف، مما كسر كثيرا من حماسه.أقيمت الانتخابات الأولى بحماس مكسور، ثم غابت عن البال أربع سنوات حدث في نهايتها أن مددت الوزارة للمجالس القائمة سنتين، فراح أكثر الحماس المكسور أصلا. ثم أقيمت الانتخابات الثانية بفتور ملحوظ، ونسيناها تماما حتى الآن.ننساها لأن المجالس نفسها تنسى الناس، وتنسى واجب الاتصال بالمواطنين وإطلاعهم على المنجزات والإخفاقات واستشارتهم والتفاعل معهم. إذا أضفت إلى ذلك أن أعضاء المجالس يخافون أو يتواطؤون أو لا يعرفون الطريق للإعلام، ثم أضف حجم الصلاحيات الممنوحة للمجالس لتعرف أن النسيان المتبادل بينها وبين الناس هو سنة الحياة.مع كل دورة يزيد حماس الوزارة ومقبلاتها وينخفض حماس المواطن، فهو يعلم أنه يكذب لو تحمس لها، ويعلم أن صوته لا يعني سوى دعم مرشح ليحصل على مكافأة المجلس وأن المسألة في التحليل الأخير فزعة قبلية أو خيرية أو تيّارية.
لكن الوزارة هذه المرة لديها الجديد، وهي تسوق له باهتمام بالغ. وأول هذا الجديد هو زيادة الأعضاء المنتخبين إلى الثلثين بدل النصف، وهي خطوة أخذت من أعمارنا عشر سنوات كاملة، والواقع أن الانتخابات لا يجوز تسميتها انتخابات إلا إذا خرج منها التعيين وصار كل الأعضاء منتخبين، وهي خطوة يعلم الله كم ستأخذ من أعمارنا.لدى الوزارة جديد آخر وهو رفع مستوى المرشح من يقرأ ويكتب إلى مؤهل الثانوية العامة، وهذا كان يمكن أن يكون من الدورة الأولى فأعمال المجالس أثبتت أنه لا فرق بين أداء دكتور وبين أداء يقرأ ويكتب.
من الجديد اعتماد سن 18 للناخب بدلا من 21، هو مؤشر جيد إلى أن الإقبال من الفئة الأكبر التي شهدت الدورتين السابقتين لا يسر خاطر الوزارة. وبهذا يكون لكل دورة ناخبون جدد، ولا يعيدونها مرة أخرى.وهناك جديد مثير سنطرحه الأسبوع القادم.