سنة مضت وصديقاتي وأنا نبحث عن ركن نأوي إليه آناء ليل أو طرف نهار، بعيدا عن المنازل وخصوصياتها التي لن توفر لنا الحرية في الانعتاق من يومياتنا الرتيبة.. نقترح هذا المكان، فنجد أننا ملزمات بدفع مبلغ طائل لبضع ساعات خاليات من الخدمة والاهتمام.
ونقترح ذلك الفندق فلا نجد مكانا يضمن لنا الخصوصية، ويعطينا الحق في الذهاب والعودة دون التسربل بالسواد.
نقترح مكانا ثالثا نجده مصدر رزق ا?خوة ا?خذين على عواتقهم همّ حراسة الناس ومراقبتهم في الذهاب والعودة، حتى تحولت الأسواق والأماكن العامة مصدرا لرعب الشباب، وضاقت بنا.
توقفنا حتى ا?ن عن التفكير في الاجتماع، واكتفينا به عبر وسائل التواصل الاجتماعي.. قبل أن نتوقف اقترحت عليهم أن نجتمع تحت إحدى أشجار الطلح أو العرعر، لكن أيضا لن نسلم من المتطفلين الذين نصبوا أنفسهم أوصياء علينا حتى تحت أشجار قرانا.
هذه ليست معاناتنا فقط أنا وصديقاتي، بل كل سيدات وبنات المنطقة يعانين مثلنا، إما أن يذهبن إلى إحدى الاستراحات وهي محاطة بقبيلة من الرجال، أو يقبعن في إحدى طاولات المطاعم يأكلن ويتحدثن على استحياء!
أليس لدى أصحاب المشاريع الضخمة لتطوير المنطقة مشروع يهتم بفئة الشباب من الذكور، خاصة أولئك الذين يفترشون الشوارع صيفا وشتاء ولا يستطيعون أن يهنأوا بأجواء مريحة تحفظ لهم خصوصيتهم؟
السؤال: هل عجزنا عن بناء مدينة متكاملة الخدمات للشباب؟ وعلى اعتبار أننا نحن السيدات عورة! لكن أغلب شبابنا تتلقفهم الأيدي الجاهلة.. أولئك الذين يهيمون في الشوارع دون هدف؟ هل أدركنا أن غالبية الشباب أقل تحصيلا ونشاطا اجتماعيا واهتماما؟ وأنهم يملكون طاقات إيجابية لو أحسن توجيهها واهتمت بها جهات الاختصاص لكان لهم شأن عظيم في بناء مجتمعنا؟ في المناطق الأخرى إذا حدث مثل هذا التهميش، ولم توجد مشاريع خاصة بالشباب، اهتم بهم رجال الأعمال ووضعوا لهم برامج وأنشطة وأعمالا صيفية. لكن في منطقتي لم أر مشروعا يعنى بالشباب خاصة، ولم أجد أحدا من الأهالي يضع عملا تطوعيا لابنه وأقرانه، باستثناء مشروع قرى الطلحة الذي تحدثت عنه في مقالة سابقة.
نحتاج أن تتضافر الجهود؛ لنخرج شبابنا إلى أماكن تليق بعقولهم وطموحهم، قبل أن يقتادوا إلى طرق لا تحمد عقباها.. وكل منا يتمنى تربية تحصّن ابنه من الوقوع في الخطأ، متناسيا أن الفراغ أكبر خطر يهدد فئة الشباب.