يقول سعادة المسؤول عن – صندوق المئوية – إن الإحصاء لديه يبرهن عن 878 ألف سعودي عاطلين عن العمل والخطورة ليست في الرقم الذي لا تصفه حتى مفردة مثل – الخطورة – ولكنها في غياب أي دلالة حقيقية للإحصاء. كل إدارة أو وزارة مسؤولة عن هذه الأرقام المخيفة تنفرد بنسختها الخاصة في القراءة والتنبؤات ما بين مسؤول هنا يتحدى أن يصل الرقم لمئة ألف عاطل وآخر يرفعه إلى ملامسة سقف المليون، وبين الاثنين بضع من المؤسسات الوطنية التي تلعب في منطقة المناورة ما بين القاع الأدنى وبين الرقم الأعلى بعاليه. والواضح أن كل مسؤول، مثلما هي كل إدارة أو وزارة، ومع الأرقام والإحصاء، لا يملكون إلا قراءة الفنجان والضرب على الرمل وهذه الأشياء التي – تسير بالبركة – لا تشبه شيئاً إلا طلاسم الشعوذة. ومن الواضح الجلي أن الغائب الأكبر هو وزارة التخطيط التي لم أسمع لها حتى اللحظة أي مداخلة على الإطلاق في كل ما له علاقة بأحرفها الخمسة. هذه الوزارة التي تؤثر الصمت ربما لأنهم مشغولون بالتخطيط ومثلما سمعت مؤخراً، والعهدة على أذني، أنهم اليوم يرتِّبون أوراق الخطة الخمسية العاشرة بينما كل ما حولي وما أشاهده وأراه أننا ولله الحمد نعيش أوراق الخطة الخمسية الخامسة، وفيما يبدو أنني خرجت من القصة: القصة هي الإحصاء والدلالة ودعك من أرقام العاطلين عن العمل لأن الكتابة لهم لا تضيف شيئاً إلى الرقم: خذ على سبيل المثال أن وزارة التربية – تمسح – الميدان لتتعرف على جوانب النقص في المعلمين بعد أسبوعين من بدء الدراسة وكأنها فوجئت بمباني المدارس وأعداد الفصول والطلاب أو كأنها تتعامل مع – الميدان – كحضور حفلة جاؤوا على غير المتوقع. ومن المفارقة أن كل هذه الخطط الخمسية الشاملة وكل خطط التجزئة لكل إدارة أو وزارة أو مصلحة تخرج للنور حتى في غياب هيئة مستقلة للإحصاء واستطلاع الرأي العام. أسمع مثلكم عن شيء اسمه – مصلحة الإحصاءات العامة – ولكنني أيضاً مثلكم لم أسمع طوال عقود من الحياة عن منشور رسمي لإحصاءاتها أمام الجمهور إلا إذا كانت ترسل تقاريرها إلى المختصين بالشمع الأحمر. خذ للمفارقة مثلاً أن إحصائية أخرى تقول إننا نستهلك نصف الشعير العالمي وعشر حبات – الفياجرا – وتسعة أعشار حبة البركة. سؤالي الأخير: كيف؟ كيف عرفوا هذه الأرقام بهذه الدقة، بينما البلد بأكمله بلا مؤسسة إحصائية؟