رفض الشاعر صالح الخنيزي أن يقحم نفسه في قراءة قصيدة النثر وأبعادها وفلسفتها، مشيرا إلى أن الحديث عن قصيدة النثر يتطلب استعادة منظومة متكاملة من جيل الثمانينات، وإسقاطها على كتّاب قصيدة النثر في العالم العربي، وقال أنا أقل من أن أدوّن رأيا انطباعيا دون استقراء ومتابعة ومن ثم إبداء الرأي، لكن المدهش أن قصيدة النثر بدأت تنشر أجنحتها بعيدا عن عمود الشعر وتفعيلات بحوره على يد جيل من الشباب المنفتح على آفاق الكتابة وتشكيلاتها في شتى مجالات الفن والترجمة لتأسس قصيدة نثر تنبثق من ذوات متعددة، وتهب فسحا مغايرة من الذوات والتعابير التي تستمد طاقتها من اليومي حتى الفلسفي.
وأشار الخنيزي إلى أن حالته الشعورية تحدد الكتابة وآلياتها بالنسبة إليه، وأنه لا يتعمد ا?مساك بالقلم دون حالة التوتر التي تعزله عن الواقع وتنقله إلى عالم آخر، فقد حاول غير مرة وفشل.
ويحب الخنيزي أن يجرب في الكتابة ويمزج ما قرأ من تاريخ وثقافة وأدب وفن وربما حلم عابر أو مشهد طفولي وما إلى ذلك.
جاء ذلك خلال حديثه إلى الوطن في الأمسية الشعرية التي نظمها منتدى اليراع الثقافي في جمعية الثقافة والفنون بالدمام مساء الجمعة، وصاحبه فيها الشاعر علي سباع، وشهدت توقيع المجموعة القصصية الأفكار السابحة بين السماء والأرض للقاصة خديجة النمر.
وخلال الأمسية قرأ الخنيزي مجموعة نصوص من إصداره رسائل بددتها الريح، حملت عناوين جيئة الضوء، المحافظة علي تكامل الأشياء، مقطوعات من طيور تائهة.
من جانبه، قرأ الشاعر علي سباع مجموعة من النصوص من إصداره الجديد نزهة الهارب ومشيئة الغريب.
من جانبه، تحدث الشاعر علي عاشور عن تجربة سباع، وقال بكثير من الترميز والوصف الشاغل لحيّز النص، وبتكرار لفكرة الحبكة والأسلوب لسرد وصفي متسلسل، تبرز تجربة سباع التي خرجت عن التجميع للقصائد في كتاب الشاعر وتتمركز كما في الفصل الأول تورّد أثرك الغائر في حقل التجريب على مستوى التركيب اللغوي والربط الوصفي، قوّمت الشاعرية السردية في هذا الفصل خمسة أساليب للتسلسل الوصفي: التحليل والتأويل والتعليل وتأهيل التعريف، وتدوير الرمز المركزي أو أيقونة الفكرة تحت مظلّة إسناد الجُمل المركبة (الاسمية و الفعلية) بحلقة النقصان المكمل لبعضه، بمعنى أن يطرح الشاعر جملة وصفية أو تسلسل جمل وصفيا مرمّزا، تقوّم عليها الفكرة الأساسية للنص وينطلق في لعب لغوي للجمل الناقصة كي يكملها إما بتعليل للفكرة أو تأويل تخيلي، أو تحليل للحالة الشعرية، أو تعريف الحالة، ليبدأ تدوير الرمز من خلالها، وتكتمل تجربته بتجريب وتعدد أساليب الكتابة، ورغم أن المجاميع الشعرية التي تتعدد وتتفاوت فيها النصوص أو الفصول تصيب قارئها بالملل أو الشعور بسأم المواصلة، إلا أن نزهة الهارب ومشيئة الغريب تأخذك معها، بما يتسع للمتنزه وما تشتهيه المشيئة الضائعة كغريبها.