لست أفهم في القانون، ولا أعرف أي شيء، عن أي شيء، ولست أدري ما الذي يدور حولي، لكنني أفهم بالفطرة أننا في حاجة ماسة إلى قانون يجرم الطائفية والتمييز، وأنه لن يقف في وجه قانون كهذا إلا من يخشى التعرض لعقوباته.
لسنا في حاجة إلى التعبير عن الصدمة، أو الألم، أو الاستغراب، أو الضحك، أو البكاء من إسقاط مجلس شورانا لقانون الوحدة الوطنية؛ لأن هذا المجلس نفسه، والأعضاء بشحومهم ولحومهم هم الذين وقفوا من قبل في وجه قانون إنساني حقوقي مهم، هو قانون التحرش، ويبدو أنهم لا يريدون التضييق على المتحرشين المساكين، كما لا يريدون التضييق على الطائفيين والتمييزيين الطيبين.
لسنا في حاجة إلى إدراك أن الواقفين في وجه قانون الوحدة الوطنية، والساعين إلى إسقاطه، متطرفون؛ لأن المدافعين عن مسقطي القانون لم يكونوا أذكيا بما يكفي، حتى إن الزميل عبدالعزيز قاسم يبدأ مقاله المؤيد للمسقِطين بالقول: انبرى العلمانيون والليبراليون للهجوم..... الخ.. وهنا: سلم لي على الوحدة الوطنية، وشكرا لرقيب الوطن الذي حذف هذه الجملة، لكنها بقيت شاهدة على الكاتب والحال، في رسائل الـواتس آب التي وزعها الأخ عبدالعزيز مشكورا!
لسنا في حاجة إلى الاستماع إلى تبريرات واهية، تبدأ بـ: حنانيك، وعلى رسلك، ولا تطير في العجة، وغيرها من محاولات التهدئة، التي لا يليها سوى كلام إنشائي لا يقنع أحدا.
ولسنا في حاجة إلى معرفة خطوات سير المشروع منذ مصدره، حتى لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية، حتى الإسقاط بالأغلبية؛ لأن كل ما يقال عن تعارض القانون مع مواد في النظام الأساسي للحكم كلام فاضي، إذ كان يمكن – على الأقل - الاستعاضة عن هذا القانون بقانون يجرم الكراهية والتصنيف والطائفية، ويكون مبنيا على المادة المعروفة في النظام الأساسي، والقاضية بحظر التمييز بين الناس في الحقوق والواجبات العامة بسبب العرق أو اللون أو النسب أو الجنس أو الدين، أو الأصل أو المكانة الاجتماعية أو الانتماء القبلي أو الطائفي أو المذهبي؛ لأن حظر لا تنص على عقوبة، ولستُ قانونيا، لكنني أعرف أن القانون – أي قانون - ينص على وجود عقوبة، وهو ما نحتاج إليه في هذه المرحلة.
لسنا في حاجة إلى تخوين أحد، أو اتهام أحد بالتخندق الحزبي أو المذهبي، ولسنا في حاجة إلى القول بما قال به بعض المصنفين في الأرض، وهو: أن مسقطي القانون إسلامويون، وإسلاميون، والمطالبون به ليبراليون وعلمانيون، ولكننا في حاجة إلى قانون يجرم الطائفية والتصنيف والتمييز، وإسقاطه خطأ فادح، في مرحلة خطيرة. هذا كل ما أفهمه.. فهل يشعر الشوريون بالحرقة التي يشعر بها المواطنون من: إسلاميين، وإسلامويين، وليبراليين، وعلمانيين، ولا مصنفين، وأميين، وهل يستشرفون الخطر كما يستشرفه المواطنون الذين يدرك من لا يفك الحرف منهم خطر الطائفية والتمييز على الوحدة الوطنية؟