يجب أن تتغير خريطة المستهدفين بالدعوة إلى الإسلام، بحيث يوضع في الحسبان تعزيز الإسلام والمسلمين بنوعيات بشرية متقدمة، خاصة أن الأرضية مواتية لذلك في بلاد متقدمة مثل كوريا والصين
تشير الأرقام إلى أن كوريا الجنوبية تشهد موجة تنصير نشطة، إذ ترتفع وتيرتها باستمرار، فقد وصلت نسبة المتحولين إلى النصرانية إلى 30%، وهي كما هو واضح نسبة جدا مرتفعة.
لكن الأمر لا يثير الاستغراب، خاصة إذا علمنا أن 52% من سكان كوريا الجنوبية هم بلا دين، فيما يشكل البوذيون 16% ودائما تجد دعوات التبشير وغيرها أرضية مناسبة للتقبل لدى من يعانون فراغا روحيا من اللادينيين، وسؤالي الذي يقلقني دائما: لماذا لا نسخر بعض جهدنا الدعوي للإسلام في دعوة هؤلاء اللادينيين في كوريا والصين، وربما الدول الإسكندنافية؟ لماذا لا نوجه بعض المناشط الدعوية المتعددة للإسلام إلى بعض البلدان التي تعاني فراغا روحيا لكنها تملك وجودا حضاريا متقدما؟
ولماذا ينصبّ معظم جهدنا الدعوي في أفريقيا التي يرزح غالبية أهلها تحت وطأة الأمية وتفتك بها الأمراض ويغتالها الفقر؟ وغني عن التبرير أنني لست ضد دعوة هؤلاء بل أدعو إلى مساعدتهم لانتشالهم –ما أمكن– من الفقر ومن الأمراض والأمية، لكنني من باب أولى أحتاج إلى المسلم القوي الذي يدعمني وجوده في هذا العالم، ويعزز بحضوره العلمي والتقدمي قيمة المسلم المتعلم والمتحضر.
إن المسلمين – في معظم بلادهم– يعانون من التخلف الحضاري صناعيا وزراعيا، وصحيا وعلميا، ومع ذلك فإن جهود الدعوة إلى الإسلام تنضب في معظمها في البلاد التي يغمرها الجهل والفقر والمرض.
لكأننا بهذا نضيف إلى ضعف المسلمين ضعفا آخر، فشعب مثل الشعب الكوري يتمتع بنسبة تقدم مرتفعة في الدخل، وفي درجاتهم العلمية وفي صحتهم البدنية، ويتقدمون في صناعاتهم التي تقتحم الأسواق العالمية وصارت معظمها علامات تجارية وماركات عالمية، يتسابق المستهلكون على اقتنائها، وحالهم كذلك في كل مناشط الحياة.
ومن هنا، فإن يكسب الإسلام إلى صفّه مسلمين على هذا النحو من الفعل الإيجابي، فإنهم خير من مسلمين ينضمون إلينا ويشكلون عبئا أو لنقل إنهم لا يشكلون إضافة نوعية ولكنهم زيادة رقمية لا تسمن ولا تغني من جوع.
إن خريطة المستهدفين بالدعوة إلى الإسلام يجب أن تتغير بحيث يوضع في الحسبان تعزيز الإسلام والمسلمين بنوعيات بشرية متقدمة، خاصة أن الأرضية مواتية لذلك في بلاد متقدمة مثل كوريا والصين، وبها نسب مرتفعة من الذين لا يدينون بدين محدد، إضافة إلى أن الخواء الروحي والنزعة الانتحارية لدى بعض سكان الدول الإسكندنافية تعبر عن الحاجة لملء هذا الفراغ بقيم الإسلام المتسامحة.
والدعاة هم في حاجة إلى تبصر نقاط الضعف والغياب الروحي في البلاد المتقدمة، والسعي إلى الإحلال فيها لأن الإسلام في حاجة إلى ذلك، والمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف وفي كلٍّ خير.