علينا أن نفهم الشركات أننا غير راضين عن مضامين إعلاناتها بشكل عام، خاصة ما يبث منها في شهرنا المبارك، لعلها تتفهم وتعيد النظر في سياساتها الإعلانية وخططها المستقبلية

سأعمد اليوم إلى كتابة خواطر رمضانية كانت وما تزال تراودني لعلها تجد من يهتم بها، ولعلي أبرئ ذمتي بالإشارة إليها.
-قيمة شهر رمضان المبارك لا يمكن أن تكون مماثلة لغيره من الشهور، وتعاملنا معه لا بد أن يكون وفقا لمكانته.. ففيه ليلة تعادل ألف شهر لا ألف يوم ولا ألف ليلة.. وبالتالي ستكون تجارتنا خاسرة لو فرطنا فيه.. لو لم نتدبر نفحاته الإيمانية على مدار أيامه ولياليه.
-ومن هنا أوجه استفسارا لبعض ملاك القنوات التلفزيونية: كيف يتأتى لهم بذل أموالهم في سبيل نثر الفساد والانحلال في أجوائنا الرمضانية؟ وكيف استحلوا وخططوا ونفذوا لبث هذا الإسفاف في كل أيام رمضان بلياليها؟ فعلى حد علمي ملاك تلك القنوات تجار، فهل ابتغوا التكسب بالتحالف مع الشيطان وجنوده فنهجوا منهاجه دون رادع من رقيب؟ فبعض القنوات الخاصة مع الأسف تكون في رمضان أشد ضلالا وإفسادا، فهي تتنافس لشراء وإنتاج مسلسلات وبرامج يكون عمادها الأساس إخراج المسلم من الأجواء الرمضانية، ويبذلون في سبيل ذلك الملايين، والمؤلم أنهم حتى في عرضهم لبرامج مفيدة نجدهم يستقطعونها لأجزاء متفرقة بغرض عرض دعايات لا علاقة لها مباشرة مع المنتج المعروض، إعلانات يمكن القول إنها بعيدة كل البعد عن احترام هذا الشهر الكريم.
وعلى فرض أن المشاهد حرص على اختيار برنامج معين يتناسب مع صيامه وقيامه، سيجد نفسه رغما عنه أمام تلك الإعلانات التي أقل ما يكمن أن يقال عنها أنها مخلة بالآداب العامة، وتسيء للمجتمع المسلم بشكل عام والخليجي والعربي بشكل خاص، وتلصق به ما لا يمكن بحال أن يكون ظاهرة فينا، ولأن تكلفة بث الإعلانات التلفزيونية والإذاعية أيضا مبالغ فيها في شهر رمضان، يمكن أن نعمد إلى إيصال أصواتنا الرافضة للشركات التي تدفع مبالغ طائلة للإعلان عبر تلك البرامج والمسلسلات، من خلال بيان مواقفنا من سياستها الدعائية والإخراجية التي تخدش حياءنا، علينا أن نفهم الشركات أننا غير راضين عن مضامين دعاياتها بشكل عام وما يبث منها في شهرنا المبارك، لعلها تتفهم وتعيد النظر في سياساتها الإعلانية، وقد سبق أن أشرت في مقال قديم إلى أن القوة التي نملكها بوصفنا عملاء ومستهلكين تكمن في قدرتنا على تحريك عجلة السوق، والشركات التي تقبل دفع مبالغ تصل إلى الملايين في سبيل عرض دعايات خاصة بمنتجاتها، والهدف من ذلك بطبيعة الحال زيادة مبيعاتها وأرباحها، ولذا هي تختار برامج معينة وأوقات معينة تعتقد أنها تتمتع بجماهيرية لعلها تضمن الحصول على كثافة عالية للمتابعة.
ولأننا كزبائن مستهدفون من تلك الشركات بإمكاننا كمجتمع مطالبتها بالامتناع عن بث إعلاناتها خلال تلك البرامج، وعدم قبول إخراجها بهذا الشكل المقزز، متمنية على المجتمع المدني المبادر تحريك دفته بهذا الاتجاه وإلى مطالبة الجهات الرسمية سواء الإقليمية أوالعربية أو الإسلامية فرض شروطها على القنوات التي تبث على أرضها، وفرض عقوبات في حالة لم تحترم ديننا.
والغريب في بعض إدارات الشركات المعلنة أنها تضع على رأس إدارة التسويق والجهاز المعني بالدعاية والإعلان شخصيات لا تمت بصلة لديننا وتقاليدنا، أو لعلها شخصيات انسلخت من تراثها الديني والوطني، فتضع خططا لترويج منتجات شركاتها بشكل يخالف كل معطيات هويتنا الدينية، اعتقادا منها أن غالبية المسلمين متساهلون في تعاليم دينهم، فئة تصوم نهار رمضان، وتفطر على الفجور الذي يرافق تلك البرامج والمسلسلات، ولا أستبعد مطلقا أن العاملين في هذا الجهاز يتفقون مسبقا على تسلم عمولة كبيرة يقبضونها من القنوات الفضائية إثر شراء دقائق للإعلان عبر قنواتها.. وقبل أن انتقل إلى موضوع آخر أجزم أن تلك القنوات فقدت الكثير ممن كان يعول على مصداقيتها وعدالتها من فئة الشباب ومن دونهم.
- وفي مناسبة الحديث عن هذا الشهر الكريم أود بيان افتقادنا لدفء الأسرة والأجواء الروحانية، فالعلاقات الاجتماعية ضعفت ولم يعد لها ذاك الوهج الذي عهدناه، فالكثير من أبنائنا لا يأبهون بالتواصل المباشر، ولو خيروا لفضلوا التعايش مع مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر الجوالات، إذ الحديث الذي يتم مع أبنائنا في المناسبات الاجتماعية لا يعدو على الأغلب كلمات نرددها على الدوام، فأقصى ما يمكن أن  يدار بيننا هذا الحديث:
- كيف الحال ابني؟
- الحمد لله.
- كيف الوالد والوالدة والإخوان؟
- الحمد الله.
- الحمد لله.. الحمد لله.
ثم يعم الصمت.. وليعودوا إلى عالمهم الخاص، يحني كل منهم رأسه  ممسكا بجهاز أستطيع تسميته بـ السيد المطاع
-من ناحية دوام رمضان كنت أتمنى أن يبكر الدوام الرسمي ليكون كما كان قبل رمضان، ولينهي الموظف عمله مبكرا، ففي الوقت المتبقي هو قادر إن شاء الله على استثماره بما يتناسب وهذا الشهر الكريم.. وإذا كانت العودة مبكرا مهمة للموظف الرجل فلكم أن تتخيلوا حالة الموظفة الأم، فالوقت المتبقي لها بعد وصولها إلى المنزل بالكاد يكفي للعبادة ولتجهيز طعام الإفطار ولغير ذلك من الأعمال المنزلية، خاصة في ظل ندرة وجود مساعدات في منازلنا.