تبعد الغربة الجسد عن الأهل والأحبة وموطن الذكريات، لكن الروح تبقى في سفر دائم في رحلة مخيالية نحو الوطن.
في غنائية متقنةٍ للشاعر محمد أحمد صالح الزهراني في ديوانه على ضفاف الغربة أطلق قوافيه الحالمة بدفء الوطن وطيبة أهله، مصوّراً حنينه لوطنه وارتباطه به وكأنه يحكي بلسان كثيرين.
يا موطني يا نسيمَ العشق يا لغتي
نصوغ أرواحنا تاجاً له ذهبا.
يأخذ الشاعر قارئه عبر قصيدة أناشيد عشقي إلى مرابع طفولته، راسما صوراً شعرية للمدرسة العظيمة في حياة الإنسان -الأم - يصور عمق محبتها وحنانها.
أماهُ..والحب والأشواق مدرستي
وفي محيّاك بستانٌ يغذيني
وترسم قصيدة على أعتاب الغربة لوحة حروفية إنسانية تعج بمشاعر الأم الصادقة، لدرجة تجعلني أشك في مقدرة أي فنان تشكيلي تجسيد مثل هذا الوصف في لوحة، وهي تصوير ناطق يسرد فيه رحلات دموع وغصّات، وآهات وعبرات الأم أثناء وداع ابنها المهاجر، تجلى بتكرار كلمة سافر أربع مرات، وكأنها تقول له أنّى اتجهت روحي معك.
قالت: رعاك اللهُ يا ولدي
سافر وفتّت بالأسى كبدي
سافر.. وفي عينيّ أسئلةٌ
ودموعُها قد بدّدت جَلَدي
ويرصد في قصيدة تراتيل اغتراب الروح.
عندما تبكي على عصفورتي أغصان قمحي/ويعيش الصمت في أثواب صبحي/ويغني منك جُرحي/عندما يبكي مكاني.
ملامح: الديوان يقع في 58 صفحة من القطع الوسط، ويضم13 قصيدة تنوعت ما بين الشعر العمودي والحديث.