اجلبوا لي (صوتا) من معزوفة أو من كلام عادي لإنسان، ثم اجلبوا (قلما) حقيقيا، ثم أمسكوا القلم بين إصبعين، وحاولوا أن تكتبوا على (الصوت) كلمة واحدة.
هذا الخيال، وهذا العصف الذهني العجيب، وهذه اللوحة الخيالية، التي تجاوزت كل نظريات المدرسة السريالية، لم يقتنصها ويرسمها ويكتبها بدر عبدالمحسن الآن، بل كتبها قبل ربع قرن وأكثر، لمّا قال:
حبيبي
كتبت اسمك على صوتي.
لماذا أشرت إلى وقت كتابة بدر لهذه الكلمات المُغنّاة، وما قيمة ذكر الوقت هنا؟، والإجابة بكل بساطة: أن هذه الكلمات الحداثية في الأغنية الخليجية، كان يجايلها في ذلك الوقت، قصائد غنائية في غاية الرداءة الشعرية والفنية، ولهذا كانت كلمات خارج إطارها الزمني ذاك، متقدمة عليه، ومتقدمه به.
قبل ربع قرن وأكثر، كان الشاعر الغنائي المبدع بدر عبدالمحسن، يكتب: (عطني في ليل اليأس شمعة)، في وقت كان غيره يكتب: (الله على شيلة ردوفه يعينه)، والسوق الغنائية كانت مفتوحة على الآخر.
الذي أود أن أقوله إن قصائد بدر عبدالمحسن الغنائية كانت تنهض بمفردها بالقيمة الذوقية للأغنية الخليجية، دون ضجيج أو بروباقندا، وكانت تهذب الذوق السماعي لنا، دون أن تفرض ذاتها علينا.
أحزن كثيرا على غياب بدر عن مهرجانات التكريم الغنائية في الخليج بالذات، وأطالب بتكريمه، كمستمع عادي، يردد معه وعلى لسانه:
أنا الجالس ورى ظَهر النهار
أنفض غبار ذكرى.