مجددا نتحدث عن التعصب في الملاعب الرياضية، فعلى الرغم من قناعتي أن التعصب في ملاعبنا له جذور عميقة في الوعي الاجتماعي؛ إلا أنه يبرز بشكل لافت رياضيا بسبب التنافس الشرس بين الأندية، باعتبار الرياضة المتنفس الأهم لشباب مجتمعنا، خصوصا مع غياب منصات تنافس أخرى يشجع عليها المجتمع ويدعمها على غرار ما يحدث في مجتمعات أخرى يرتكز التنافس فيها بين الفكر والفكر وبين النشاط والنشاط.
مع وجود هذا التعصب الذي أصبح ظاهرة كما يقول البعض نجد أنه من المستحيل إصباغ هذا الشعور المتشنج على فريق معين، فكل الفرق المحلية لها نماذج مشرفة من التسامح والتآخي ونماذج أخرى مقيته من التعصب الذي يتجاوز أي منافسة وشعور بالزهو وحب الفريق.
لفت نظري ثلاثة نماذج في أعقاب المباراة الختامية على نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، والتي حققها نادي الهلال على غريمه التقليدي نادي النصر بضربات الجزاء الترجيحية.
النموذج الأول، وهو المشرف، هو ما قام به اللاعب سلمان الفرج بعد انتهاء المباراة حين ذهب إلى دكة احتياط نادي النصر وحاول أن يخفف من أحزان بعض زملائه من الفريق المنافس في تصرف أقل ما يقال عنه إنه من شيم الفرسان وأخلاق الكبار، أما النموج الثاني، فهو ذهاب المهاجم الهلالي ناصر الشمراني مباشرة بعد صافرة الانتصار باتجاه كاميرات النقل التلفزيوني ومدرجات الجماهير من أجل ترديد عبارة هيا تعال بطريقة أقل ما يقال عنها إنها استفزازية للمنافس، وتنم عن شعور طغى عليه السخرية والتعصب.
في النموذج الثالث، كشفه مقطع مسرب للاعب نادي النصر الأجنبي فابيان وهو يقوم بحركة غير لائقة لجماهير أحاطته وهو في السيارة بعد أن اكتشف أنها ليست من جماهير ناديه بل من جماهير نادي الهلال، وهو تصرف لا ينم عن أخلاق رياضية، خصوصا أنه لاعب أجنبي كبير من الواجب عليه أن يعرف كيف يضبط أعصابه، ويكون قدوة للشباب الرياضي في كل مكان.
الرياضة لدينا أصبحت صناعة وتجارة بكل معنى الكلمة، إلا أننا نأمل في يوم أن تكون أخلاقا وإخاء، وأن نجد نماذج أكثر من أمثال اللاعب سلمان الفرج الذي جسد معنى الأخلاق الرياضية، أما ناصر الشمراني وفابيان فهما صورة حية لرياضة فقدت روحها الرياضية.