نعرف الصدقة الجارية، التي تعد من أفضل وجوه الخير وأعلاها. كونها تبدأ في حياة الإنسان، ويستمر في جني أرباح هذه الصدقة أو الحسنة حتى بعد موته، بل وقد تستمر هذه الصدقة تؤتي أكلها وثمارها الطيبة إلى أجيال وأجيال.
لكن، هل ثمة سيئة جارية؟ لها نفس خاصية الاستمرار والديمومة؟.. بحيث تربو وتتكاثر وتستمر شجرتها الخبيثة بالنمو، وإنتاج الثمار السوداء؟ حتى بعد رحيل صاحبها أو موته.
أعتقد أنه توجد سيئة جارية.. كفتاوى التحريض.. وبث الحقد والكراهية بين أبناء المجتمع الواحد، والوطن الواحد، يتناقلها البعض فرحا بها أبا عن جد، سيئة لا يقتصر عائدها الشيطاني الإجرامي على صاحبها فقط، بل يستمر الناس، وخاصة البسطاء منهم، في جني هذه الثمار الخبيثة دماء مراقة وفسادا ودمارا، جيلا بعد جيل، حتى تتحول هذه الفتاوى إلى نار تحرق صاحبها حيا وميتا، ليعرف كم أحرق بجهله وتعصبه من قلوب آباء وأمهات، باستلاب فلذات أكبادهم. والزج بهم في أحضان الشيطان.. أما وقد أدركت الأوطان سبب فرقتها وشتاتها، ووضعت يدها على الداء والبلاء، وعرفت مكان الدواء، فلا يعذر التقصير ولا يبرر، ولم يعد أمامنا إلا تشريع قانون يجرم الكراهية والعنف والإرهاب ويعاقب عليها. ليحيا الجميع في وطن آمن، في مأمن من عبث هؤلاء الجهلة.