استقال جوزيف بلاتر بعد (40) عاما قضاها هذا السويسري في الفيفا كموظف ثم أمين عام من 1981 وحتى 1998، وأخيرا رئيسا خبيرا كبيرا للفيفا لمدة (16) عاما حقق فيها الكثير من خلال جعل كرة القدم صناعة تدر الأموال وتقليص المتعة الحقيقية لهذه اللعبة الشعبية الأولى في العالم.
سقوط بلاتر وإن ظهر وكأنه استقالة إلا أن وراء الأكمة ما وراءها وسوف تشهد الأيام المقبلة الكثير من الأخبار والمشاكل والتداخلات والمواجهات لأن الاستقالة بظروفها وشكلها وبعد أيام قليلة من إعادة انتخابه تنذر بأن الوضع يحتاج إلى تحرٍ وتدقيق.
لعبة كرة القدم وبما أنها اللعبة الشعبية الأولى عالميا تجذب الكثير من الجماهير ورؤوس الأموال والإعلانات والدعاية وهي مجال خصب للثراء والرشاوى والفساد المالي والإداري ولهذا وضع الفيفا الكثير من القرارات والإجراءات لضمان الحياد والنزاهة والموضوعية في كل أعماله وشؤونه وشجونه.
ومع كل هذا لايزال المجال واسعا للتلاعب، وهناك مبالغ يسيل لها اللعاب وتضعف أمامها الأنفس ولا يجد الشخص أمامه إلا قبول مثل هذه الهبات والهدايا والمساعدات والدعم كما يسمونها لتمريرها وبالتالي تكبر أرصدتهم في البنوك.
في المملكة يظل الإنسان السعودي يراقب الله في كل أعماله ويخشى المال الحرام ولكن لا يمنع من وجود نفوس ضعيفة قد تخضع لشهوات المال وتضعف لرغبات رفع الرصيد، وخصوصا في مجال مفتوح أو أن الرقابة فيه ليست بتلك الدقة ولذلك فإن مهمة تطبيق الإجراءات تصبح أكثر ضرورة وخاصة في مجال كهذا.
ما يجري الآن في منظومة الفيفا يؤكد على أهمية إعادة ترتيب الأوراق وضبط الأموال خصوصا ونحن في زمن الاحتراف والملايين رايحة وجاية والنفس أمارة بالسوء، وعلينا بعد مخافة الله سبحانه وضع الضوابط والإجراءات واللوائح الصارمة وتطبيقها وإصدار العقوبات الرادعة لكل من يتجاوز على المال العام أو يقبل الرشاوى أو يمرر الفساد المالي والإداري.
مزيد من الفضائح المالية وسوء استخدام السلطة والرشاوى سوف تظهر في القادم من الأيام بعد هذه الاستقالة المفاجئة لرئيس الفيفا والتي طرحت مئات الأسئلة وخلفت وراها مئات التفاسير والتحاليل وقد تتعرض استضافة كأسي العالم 2018 و2022م للمراجعة وقد تظهر تجاوزات ومخالفات وأسماء جديدة والأيام حبلى بالمفاجآت.
تحتاج كرة القدم في العالم إلى إعادة تنظيم وهيكلة جديدة وتقسيم الاتحادات القارية بحيث لا تتجاوز الـ(25) اتحادا وطنيا ليصبح لدينا عشرة اتحادات قارية، وإعادة تنظيم الوصول إلى المونديال بحيث يصل فعلا أفضل (32) منتخبا وتجري التصفيات لكل دول العالم بحسب التصنيف الشهري وليس على مستوى القارات فقط.
إن لجنة الأخلاق والقيم هي لجنة قضائية في الفيفا لمحاربة الفساد المالي والإداري واستغلال السلطة وقبول الرشاوى وتوظيف الأقارب، ومهم جدا أن يقوم اتحاد القدم بتفعيل هذه اللجنة التي تحتاج إلى خبير متخصص في اللعبة وظروفها وملابساتها ويفضل من لديه تأهيل قانوني، وتعطي أنواع الدعم كافة لمحاربة مثل هذه الأمور والتعاون مع هيئة الفساد نزاهة لتحقيق أهداف الدولة رعاها الله.