ســيد حــكم
.. واستكمالا للسؤال الذي عنونت به الكاتبة سارة الرشيدان مقالها السبت قبل الماضي: كيف تعرف الكاتب الحقيقي من بين السطور؟، فالحديث عن الكتابة والكتاب ذو شجون – كما يقال – ولأنهم صناع الحرف والكلمة، ومن صناعتهم هذه يتشكل وعي المجتمع، فهم القادرون على تصويب بوصلة القارئ نحو الاعتدال، ودحض كل ما يعلق بذهن المتلقي من غوغائيات، فبعض القراء يعتبرون أن كاتبهم المفضل هو بمثابة نبراس لهم يسيرون خلفه، وقد يستشهدون بآرائه في صالوناتهم.
ظاهرة السطو على المؤلفات وسرقة المقالات التي كان يعاني منها أصحاب الأقلام، وذلك قبل ظهور عصر التكنولوجيا الذي نحياه الآن تكاد تكون قد تلاشت، فالسيد جوجل أصبح شاهدا على كل كلمة تقال، أو صورة تبث. ولذا وجب علينا أن نوجه الشكر لهذه التقنية (الإنترنت) التي حصنتنا من سارقي الكلمة، وأجبرتهم على التوبة والإنابة.
ولكن وبكل أسف بعض هؤلاء لم يتب التوبة النصوح، ولأن غالبهم كان متجها إلى الكتابة من باب الوجاهة الاجتماعية، ومن أجل اكتمال البرستيج، ولأنه أدمن الظهور، فكان له أن يسلك طريقا آخر وعورته لا تقل خطورة عن سابقه، فاتجه إلى استئجار عقل آخر يكفل له الاستمرار في الظهور على صدر الصحف وتذييل اسمه بما يحمله له ذلك العقل الأجير، وللأمانة فإن ظاهرة العقول المستأجرة ليست بجديدة، إنما هؤلاء موجودون بيننا منذ أمد ليس بالقصير، ولكن الجديد في الأمر أنها استفحلت وتنامت وأضحت رائحتها تزكم الأنوف، والأدهى والأمر أن أصحاب العقول المستأجرة أصبحوا خارج سيطرة أصحاب الوجاهة، ولذلك علينا ألا نصاب بالدهشة والاستغراب حينما نفاجأ بأحد هؤلاء الكتبة حينما تتضارب آراؤه، بل تتناقض بين مقال وآخر، فإذا ما صادفت أحدهم فاعلم أنه من أصحاب الوجاهة.