يجب أن يعي الدارسون على حسابهم الخاص أن الطريق أمامهم ليس مفروشا بالورود دائما، بل عليهم أولا أن يضعوا كل الاحتمالات أمام أعينهم، ولذا فهم مطالبون بأن يحققوا الشروط والمعايير تجاه ضمهم للبعثة

من خلال وسائل التواصل الاجتماعي برزت مطالبات الطلبة الدارسين على حسابهم الخاص في دول شتى بإلحاقهم بالبعثة على حساب وزارة التعليم، أي كي تدفع الدولة تكاليف الدراسة كاملة أسوة بمن ابتعثوا سابقا في برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي.
ورغم التعاطف الشديد الذي نكنه للطلاب الذين لديهم الرغبة في إكمال تعليمهم ولو على حسابهم الخاص، إلا أن الأنظمة لم تكفل لهم الإلحاق بالبعثة باعتباره حقا مكتسبا لكل دارس على حسابه الخاص، وهنا يصطدم الدارسون بقضية عدم الوعي بالأنظمة قبل اتخاذهم قراراتهم التي تمثل منعطفا في حياتهم للدراسة على حسابهم الخاص في البلدان الغربية خاصة.
ومن خلال وسائل التواصل بدأت حملات منظمة للطلبة يطالبون بضمهم إلى البعثات في الدول التي يدرسون بها، وهذه المطالبة حقهم المشروع بطبيعة الحال لكن الموافقة على الطلب ليست حقا مشروعا، لأنها تخضع لمعايير وأنظمة معينة يجب أن تطبق ليتم فرز من تنطبق عليه ومن لا تنطبق عليه، وعلى الرغم أيضا من التعاطف الذي مع شكوى الطلبة الدارسين على حسابهم الخاص ضيق ذات اليد في بلاد يعانون فيها الغربة، إلا أنهم يفترض أن يعرفوا مسبقا مدى التكاليف المادية والمعنوية التي ستلحق بهم جراء عدم التحاقهم بالبعثة، فالشروط المتعلقة بذلك على موقع وزارة التعليم واضحة وصريحة، وهي تلك الخاصة بكل مرحلة من مراحل التعليم من البكالوريوس حتى الدكتوراه.
فأول الشروط التي يجب على الطالب الدارس على حسابه مراعاتها، هو حصوله على موافقة من الملحقية الثقافية في بلد الدراسة عند الوصول إليه، وأن يكون الطالب ملتحقا بإحدى الجامعات أو المعاهد الموصى بها من قبل الوزارة، وأن تكون دراسته في تخصصات محددة وضعتها وزارة التعليم متطلبا لضمه للبعثة، ولا بد من الالتحاق بالجامعات والمعاهد الموصى بها، وأن يكون الطالب قد أنهى (30) وحدة دراسية حسب النظام الفصلي أو ما يعادلها بمعدل تراكمي لا يقل عن (2.5) من أربع نقاط أو ما يعادله.
إن مثل هذه المتطلبات تجعل من غير المنطقي تجاوزها تلبية لطلبات بعض الدارسين على حسابهم الخاص، والذين ربما اعتقد بعضهم أن مجرد مضي مدة على دراستهم يحقق لهم الانضمام للبعثة، علما أن من الشروط كون الدراسة تحت إشراف الملحق الثقافي سواء كان في البلد الذي توجد فيه الملحقية الثقافية أو في بلد يقع تحت نطاق إشرافه.
ومن هذا المنطلق لا يمكن للرأي العام أن يتفهم هذه المطالبات الملحة من قبل الدارسين على حسابهم الخاص، كما لا يمكن أن يتفهم دور وزارة التعليم في عدم ضم من لا تنطبق عليه الشروط.
نحن الآن أمام مرحلة ترشيد الابتعاث، ولا نعني بذلك تقليصه أو حصره في فئات تعليمية وجوانب محددة، إنما الأمر يتعلق أولا بتطبيق شروط ضم الدارس على حسابه إلى البعثة، وبالتالي ترشيد الإنفاق على التعليم وفقا للضوابط الموضوعة لذلك، علما أن وزارة التعليم قد اتجهت إلى برنامج بعثتك ووظيفتك الذي جاء بعد انتظار طويل، ويحقق الغايات من الابتعاث الخارجي بحيث تضمن المؤسسات والوزارات والمصالح في الحكومي والخاص الإسهام في توفير وظائف للمبتعثين بعد عودتهم من الابتعاث، وهذا بطبيعة الحال سوف يخضع للمعايير التنافسية في سوق العمل، حيث إن رب العمل يبحث عن حاجته للتخصص من جانب، ولتميز الخريج من جانب آخر.
هنا يجب أن يعي الدارسون على حسابهم الخاص أن الطريق أمامهم ليس مفروشا بالورود دائما، بل إن عليهم أولا أن يضعوا كل الاحتمالات أمام أعينهم وألاّ يحلموا أحلاما وردية لأن قطاف الثمار لا يأتي إلا بعد حين، ولذا هم مطالبون بأن يحققوا الشروط والمعايير تجاه ضمهم للبعثة، وأولها التفوق والإنجاز في المجال والتخصص الذي يقع ضمن نطاق التخصصات التي وضعتها الوزارة كمخرجات مطلوبة في سوق العمل السعودية.
وهنا يتضح أن الضم للبعثة ليس حقا مكتسبا للدارس على حسابه الخاص، على الرغم من مواقف القيادة الإيجابية المتكررة في كل فترة وأخرى بضم الدارسين على حسابهم الخاص بالأمر السامي، ولكن هذا ليس مبررا لحملات المطالبة التي هي في مضامينها مطالبات لتجاوز الأنظمة والقوانين، إذ هذا الأمر غير ممكن.. وليت أبناءنا الدارسين يعون ذلك ويعلمون.