فرحت لأنني شاهدت المواطنين والجنود السعوديين يتعاملون مع تلك الحشود الهائلة من الإخوة اليمنيين بفرح وكرامة، يشاركونهم شربة الماء وسفر الطعام في مشهد إنساني أخلاقي، يعكس علاقة المحبة التاريخية بين الشعبين
قبل يومين زرت بصحبة الصديق عبدالسلام الشرعبي والعم ناجي الشرعبي نائب رئيس الجالية اليمنية في جازان، مراكز تصحيح أوضاع اليمنيين في منطقة جازان، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح تعني كثيرا للإنسان اليمني لا محالة، وتعني أن حياة جديدة بشكل مختلف أصبحت على الأبواب.
فرحت لمشاهدة بهجة انفراج أزمات أوضاع عشرات الألوف من إخواني اليمنيين الذين شردهم طغاة حكام اليمن السعيد عبر عقود مضت، للبحث عن حياة كريمة لهم ولأطفالهم وعائلاتهم، وهي مفارقة عجيبة في بلد يُسمى السعيد، وربع أهله مشردون في بلاد الله!
فرحت لأنني شاهدت بنفسي علامات الفرح، ترتسم على محيا أولئك المساكين رغم البؤس والفقر اللذين هم فيه، فرحت لأنهم كانوا مسرورين بتحرير أجنحتهم وانطلاقها في فضاء الله الرحيب، من خلال تصحيح أوضاعهم.
فرحت لأنني شاهدت المواطنين والجنود السعوديين من مختلف القطاعات، يتعاملون مع تلك الحشود الهائلة بفرح وغبطة وكرامة، ويشاركونهم شربة الماء وسفر الطعام، وحالات التعب والمعاناة، في مشهد إنساني أخلاقي، يعكس حقيقة علاقة المحبة والتقدير التاريخية العميقة بين السعوديين واليمنيين، تلك العلاقة الحميمة التي حاول الانتهازيون -على الدوام- شرخها، لتستمر مصالحهم الخاصة في الازدهار على حساب تقارب وألفة الشعبين.
وحزنت من حجم معاناة أولئك المطحونين يوميا تحت رحى الحرب وحريق القصف والمدافع وشراسة الانقلابيين، وتردي أوضاعهم الاقتصادية والإنسانية داخل اليمن، وما لم يتغير ميزان القوى المتحاربة داخل اليمن، وتتحسن طريقة إيصال المساعدات الغذائية والدوائية إلى الناس، فإن الحالة ستكون أكثر ألما ومأساوية، فالأخبار التي تصلني من داخل اليمن تقول إن المجاعة باتت تدق أبواب اليمن بقوة.
وما لم يتم تفعيل مخرجات إعلان الرياض الأخيرة بحزم وعلى وجه السرعة، فإن الموت جوعا سيكون نهاية ربع الشعب اليمني. وأدعو عبر مقالتي هذه الحكومات الخليجية، إلى تكثيف عملياتها الإنسانية على الأرض، وأبدي من جهتي الاستعداد للعمل والمشاركة في المهمات الإنسانية، وإيصال المساعدات إلى المحتاجين في العمق اليمني، تماشيا مع إعلان الرياض الكبير الذي عُقد تحت شعار من أجل إنقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية، الذي أراه منعطفا قويا من أجل عودة اليمن الشرعي، وإنقاذ البلاد من قبضة الحوثيين الانقلابيين والمخربين.
والإعلان بنقاطه السبع يشكل الأمل الكبير لاستعادة اليمن، والحفاظ عليه بلدا عربيا شرعيا موحدا. وهو ما يشكل صفعة قوية على وجه أولئك الذين أرسلوا مبعوثيهم إلى الرياض كالعادة، من أجل التفاوض على سلامة رقابهم ولقمة عيشهم، قبل رقبة وخبز الإنسان اليمني، جاؤوا ليتفاوضوا على حفظ دمائهم، لا ليتفاوضوا على كيفية إيقاف نزيف دم اليمني البريء على الأرض ورفع معاناته وحفظ كرامته، لأن آخر ما يفكرون فيه هو الإنسان اليمني المطحون، وهذا هو فكر المرتزقة والمحتالين عبر التاريخ.
ولقد جاءت دعوة البيان الختامي لتطبيق وتنفيذ قرار الأمم المتحدة 2216، جاء متماهيا تماما مع الرغبة والإرادة الشرعية والشعبية. لذا فإن الواجب أن يكون النضال من أجل ذلك على الأرض من الداخل، من خلال استقطاب القوى الداخلية وتوحيد وتنظيم صفوفها، استعدادا للتقدم على الجبهات الحربية. وتشكيل مناطق آمنة تنطلق منها الدولة اليمنية هو قرار سليم، يرفع الحرج عن قوات التحالف والحكومة اليمنية المصغرة بالخارج، ويفتح لها أفاقا أوسع ميدانيا وسياسيا، ويمنح النجاح العسكري فرصا أكبر بالتأكيد.
لقد بات الصوت اليمني الشرعي الآن أكثر قوة عبر إعلان الرياض؛ ليقول بوضوح كفى لكل العبث، ويجب أن يتغير الحال ويتحرر الوطن اليمني من براثن المستعمر المستحمر الوطني، وأن اليمن لليمنيين.