إن كنت شاعرا فلا تصادق النقاد ولا تتودد لهم، دعهم يتبعونك إلى غاباتك الكثيفة وجبالك الوعرة، ضللهم وورطهم بالوهم، رأيهم لا يجب أن يهمك، لا تعول عليهم في إنصافك، شتيمتك لهم وشتيمتهم لك ارفع الأوسمة وأسمى الإشادات، الناقد والشاعر أعداء حقيقيان وبينهما يجب أن تبقى الحرب مستعرة إلى مالا نهاية، أي تواطؤ هو في غير صالح الشعر والناس، هذا ما يجب أن يرسخ في بالك ويتوطن في لاوعيك، كل ما يقوله النقد منذ الخليقة هو مشروع دمار شعري، كل ما تكتبه هو إعادة إنشاء للحياة والفرق واضح وشاسع، لا تقف كثيرا عند مدائحهم وشتائمهم، لو كانوا يستطيعون إنجاز غير هذا لفعلوا، وإذا كان الشاعر طاووسا فإن الناقد هو الشيطان، الناس لا تعرف النقاد ولكنها تعرف الشعراء، أتفه شطر شعري لأتفه شاعر مبتدئ أهم وأرسخ وأروع وأبقى من كل منجزات نقديات العالم.
النقد كائن طفيلي يعيش على الشعر ويظن واهما أنه لولاه لساء وضعف وأصبح حالة مشاعية للجميع، لا تتوهم أن النقد مهمته اختبار النص وامتحانه وإبراز تفاصيل جمالية مختبئة بين ثناياه! هذه محض خرافات تسوق من أجل إبقاء المهنة مزدهرة ورائجة، تعامل مع كل من يحاول نقد نصك على أنه سيقتلك، لا تتوهم الحياد في نظريات موت المؤلف، المؤلف لا يموت، النص لا يفنى، هما المتن وما سواهما الحواشي، هما الأهم وما عداهما تفاصيل لاتهم، لن يقرأ الناس ما قيل حولك، سيقرأ الناس ما قلت وكتبت وعشت، تذكر أن الشاعر أعلى قامة وأخلد سيرة وأبدع خيالا، استدع أي شاعر في بالك من أي حقبة من أحقاب التاريخ وقارنه بمن نقدوه، سترى الفرق، هذا ما أعنيه تحديدا، لا تكن لطيفا ومجاملا ورخوا حول نصك بل شرسا غاضبا مستفزا لأن الشعر حياة ووجود وكيان وقبل هذا إخلاص وصدق ولا أظن في كل ذلك ما يستدعي المهادنة، من يمتدحك شعرا ونصا وتجربة يمنحك شيئا من حقك فلا تتواضع له وهو يؤدي واجبا، اكتب كخالد، واشطب كمبتدئ وتعلم كل يوم حيلة جديدة وكن إنسانا قبل هذا وذاك.