صنعاء: أحمد أبو سالم

صادفت الأسبوع الماضي الذكرى 25 للوحدة اليمنية التي تأسست في 22 من مايو 1990 بين شطري البلاد حينها، وحلت الذكرى هذا العام واليمن تعيش مرحلة عصيبة أنستها حتى مجرد تذكر هذا المنجز أو الاحتفاء به كما هو معهود سنويا. ويرجع السبب في ذلك إلى انشغال كل اليمنيين ووحدتهم في مجابهة خصم الوحدة الحقيقي، التمرد الحوثي الذي شوه جمالها وكاد أن يقضي عليها في مهدها ويقضي معها على حلم طالما راود اليمنيين في الشمال وفي الجنوب.
وخلت المناسبة هذا العام من أي احتفالات شعبية، كان اليمنيون يقيمونها بطريقة عفوية رغم أن نظام الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح الذي أفرغ الوحدة من محتواها الوطني جعلها مجرد عرض عسكري يقيمه في ذكراها كل عام من دون أن يلمس أبناء اليمن منجزاتها أو يعرفون عنها إلا حين تعلن الحكومة اليمنية عن موعد الإجازة الرسمية.
وها هو المخلوع الذي تحالف مع جماعة الحوثي المتمردة، بعد أن قضى على مضمون الوحدة بسبب سياساته الظالمة بحق اليمنيين عموما وأبناء الجنوب خصوصا أثناء فترة حكمه، يسعى جاهدا اليوم وهو خارج الحكم، ليس إلى تقسيم البلاد إلى شمال وجنوب فحسب، بل إلى تجزئة المجزأ وتقسيم المقسم من خلال حروب عبثية يخوضها مع المتمرد الحوثي، لفحت نيرانها وجه كل يمني سواء في عدن، أو مأرب، أو شبوة، أو تعز أو غيرها.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي اليمني ماجد المذحجي إن وحدة 22 مايو 1990 تأسست على أمل تحقيق ?‏الديموقراطية? والتحرر من إرث الاستبداد للنظامين المندمجين حينها، وكان يفترض بها أن تكون الخطوة الأولى نحو خلاص ?‏اليمنيين لولا وحشة المظالم وقسوة الاستلاب الذي شكله ?‏نظام صالح? بتحالفاته المتغيرة.
واعتبر المذحجي ما يفعله الحوثيون اليوم في العام 2015 هو استكمال لما بدأه حليفهم صالح، مشيرا إلى أنهم يوسعون الضرر ويدفنون الفرص أمام ?‏الوحدة? ويلحقون بمظلمة ?‏الجنوب? مظالم أخرى في ?‏تعز،? و‏مأرب،? وكل ?‏اليمن?.
وقال المذحجي على صفحته في موقع فيسبوك تبلور الحراك الجنوبي في العام 2007، وثورة الشباب السلمية عام 2011 كانت فرصا لترميم التصدعات التي ألحقها حكم صالح باليمن، وكان يمكن للوحدة أن تتعافى، لولا مواجهة نظام صالح للحراك بالعنف والقمع، وإجهاض ثورة الشباب، مما أعادنا إلى النقطة الأولى بفرص أقل.
بدوره، يصف الكاتب والمحلل السياسي اليمني سامي نعمان ذكرى الوحدة لهذا العام، بأنها عودة حزينة لبلد مقطع الأوصال، بلا جغرافيا موحدة، ليس عند حدود الدولتين بل أبعد من ذلك بكثير. وأضاف تأتي هذه الذكرى ولدينا دولة مهترئة في المنفى، وعصابة طائفية تحارب وتثلم بقايا النسيج الوطني لتتمكن من التحكم بالإخضاع بالقوة، وتصبغ علم الوحدة بالسواد الكالح، الذي يغطي حمرة الدم ناهيك عن تغطيته لبياض المستقبل.
ويرى آخرون أن مناهضة مشروع الحوثي وصالح الانقلابي والوقوف إلى جوار الشرعية ممثلة في المقاومة الشعبية والجيش المؤيد للشرعية هو فرصة أخيرة لإنهاء الخصم الذي ظل طوال العقدين الماضيين يشكل تهديدا خطيرا على وحدة اليمنيين، بل وعلاقتهم بدول الجوار والعالم بشكل عام وأن القضاء على هذا المشروع سيؤسس لدولة يمنية واحدة واتحادية يعيش في كنفها الجميع من المهرة إلى صعدة تحت دولة العدالة والقانون.