نعرف جميعا ما يعانيه العالم الإسلامي من مؤامرات وضعف وتشرذم واقتتال وتخلف.. ونعرف مدى الإساءة التي يعانيها الإسلام من بعض فئاته.. لذا فإن الحل يكمن في بناء مرجعية تأخذ بيد المسلمين إلى شاطئ الأمان.. وهذا ليس مستحيلا
إذا كان العالم الإسلامي فيما مضي بحاجة إلى مرجعية إسلامية فهو أحوج ما يكون إليها الآن بنظام محدد وآليات محددة وقوة ضاربة تفرضها هذه المرجعية، مستمدة قوتها من دول العالم الإسلامي الذي وضع فيها ثقته.. لا يمكن أن يستمر العالم الإسلامي في هذا الوضع تشوه سمعته أقلية من أهله تمارس باسمه ممارسات تسيء للإسلام ويحكم على الإسلام من خلال تلك الأقليات، والأكثرية الطيبة التي تتمثل بالإسلام صامتة مستسلمة.. هذا ظلم للإسلام وللمسلمين، ولا يمكن أن تطغى فئة قليلة من المسلمين على الأكثرية وتشوه سمعتها وتستدعي العداوات للإسلام والمسلمين.
العالم بشكل عام لا يبحث عن التفاصيل بل ربما لا يعرفها.. هم يحكمون على الإسلام على ضوء ما يسمعون من أحداث وما تبثه وسائل الإعلام من أخبار تضخم في أحايين كثيرة ويركز عليها في أحايين أخرى من قبل مستفيدين من تشويه الإسلام للتحريض عليه وعلى أهله، ونتيجة لكل ذلك نرى أن البقع الساخنة مكانها العالم الإسلامي، ونرى التخلف والاقتتال يلفان العالم الإسلامي فيما بقية دول العالم مستقرة آمنة وتعيش في وئام وسلام.. لا أريد أن يكون حديثي حديثا طائفيا، لكن في نفس الوقت لا أريد ألا يكون حديثي واقعيا، ولهذا فإنني هنا أطالب بأن يكون العمل على المرجعية أن تكون مرجعية سنية.. ولو طالبت بأن تكون إسلامية بشكل عام لما كان حديثي واقعيا فهناك من فئات المسلمين من لا تقبل، ولن تقبل ولهذا ففئة السنة هي المطالبة بعمل مرجعية يتم الاحتكام إليها ويتم عن طريقها تناول مشكلات المسلمين والاحتكام لها وردع الفئات التي تشوه الإسلام والمسلمين قولا أو عملا، وفق نظام وآليات محددة يتفق عليها العالم الإسلامي.
مشكلة العالم الإسلامي عدم وجود مرجعية تحاكم وتردع وتتدخل وتحمي الإسلام والمسلمين من أهله الذين يسيئون إليه.. أعرف أن ذلك صعب لكن لعل الكثيرين يتفقون معي أنه ليس مستحيلا.. في عالمنا اليوم الذي يعاني من التكتلات ضده ويعاني من الضعف، ويعاني من تشويه بعض فئاته لا بد من حل.. العالم الإسلامي أذكى وأحكم من أن يقبل باستمرار هذه الأوضاع التي يعيش فيها.. صحيح أنه يبدو أن هناك مؤامرات تحاك ضد عالمنا الإسلامي بدليل أن الحروب والاقتتال والتخلف والتشرذم هي فقط في عالمنا الإسلامي.. لكن الصحيح أيضا أننا بعجزنا أن نقاوم كل ذلك أننا نتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى.. ولعلنا بكل ما فعلناه في السابق من مؤتمرات ولقاءات وندوات واتصالات لم نفلح في وقف معاناة عالمنا الإسلامي.
الحل في ظني هو مرجعية إسلامية مقرها مكة المكرمة يشارك فيها كل العالم الإسلامي بكل فئاته، ربما ضمن بناء تلك المرجعية تكون هناك حوارات بين المذاهب السنية التي يتشكل منها العالم السني وتشارك في المرجعية ويتم الاتفاق على آليات ونظام محدد يسير هذه المرجعية ويكون لها سلطة نافذة تأخذ على أيدي المسيئين للإسلام وتدفع عنه الهجمات الشرسة، وتحد من المؤامرات والدسائس التي تحاك ضده.. في هذه المرجعية يكون هناك نظام صلب وآليات واضحة وقيادة حكيمة.. أعرف أن العالم الإسلامي بدوله له مصالح محددة وتوجهات مختلفة وفيه مذاهب متباينة وتعاني بعض دوله من مشاكل مستعصية.. كل ذلك كان عائقا في الماضي دون وجود المرجعية التي احتاج لها العالم الإسلامي.. هذا كله معروف لكن لا بد أن يكون الحل بقوة المشكلات.. ولهذا فإن الوصول إلى تجاوز المشكلات التي تعيق هذه المرجعية ليس سهلا وفي نفس الوقت لا أرى أي حل يتجاوز فيه العالم الإسلامي مشكلاته دون وجود مرجعية.
قد يقول قائل هناك تكتلات تتكون من دول قليلة جدا لم تتفق على أن تكون وحدة واحدة وأنت تطلب أن يكون للعالم الإسلامي مرجعية واحدة، هذا مطلب غير واقعي.. هذا صحيح.. لكن المشكلة عندما يكون الحل في اتجاه واحد ولا بد من السير في ذلك الاتجاه.. هذا ما أحاول أن أكرسه هنا.
خلاصة القول نحن نعرف جميعا ما يعانيه العالم الإسلامي من مؤامرات وضعف وتشرذم واقتتال وتخلف.. ونعرف العداوات التي يضمرها الآخرون للإسلام.. ونعرف مدى الإساءة التي يعانيها الإسلام من بعض فئاته.. وأرى أن الحل يكمن في بناء مرجعية تأخذ بيد المسلمين إلى شاطئ الأمان.. أعرف أن ذلك صعب، لكنه ليس مستحيلا.. العالم الإسلامي في مستوى بناء تلك المرجعية. وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يُهتدي لها في المستقبل القريب لتعود للإسلام المكانة التي تليق به.