لسنا هنا في محل قراءة السيرة الذاتية للرئيس الأميركي باراك أوباما، أو حتى تعقب إنجازاته ومآثره، ما يهمنا هو سياسته فيما يخصنا، وأيضا لن نطلب منه العطف في ذلك، لكن نتمناه كقائد لأكبر بلد اقتصاديا وعسكريا أن يكون منصفا.. لا أكثر.
بعد المقدمة أعلاه هل أنصف أوباما الخليج والعرب؟ يبدو أن السؤال يحتوي على بعض الاستجداء العاطفي، لكن لا بأس ما دام أنه الرئيس الأهم في العالم.. وعبر التاريخ لم ينتصر رئيس أميركي لأعداء العرب ضد العرب كما فعل اثنان منهما، نيكسون في قلب موازين الحرب بين العرب وإسرائيل في عام 1973 عبر واحد من أكبر الجسور الجوية لنصرة تل أبيب.. وبعده لم يفعل أحد مثله كما يفعل اليوم أوباما وهو ينتصر لإيران وفق تحدٍّ سافر ليس للعرب، بل لدول أوروبية مهمة ترى في إيران الخطر والتهديد المستمرين.
نؤكد من جديد وقبل أن يلتقي أوباما مع قادة الخليج أن هذا الرجل قد أصاب العالم بإحباط لم يفعله أحد من قبله، فسورية يتم قتل أهلها وهو ما زال على الحياد، بل إنه عبر تصريحاته يدرك السبب والأسباب، لكنه يكتفي بالخطابات ولا يسهم بردع المعتدي، ولعلنا لن نكون ظالمين وهو الذي وعد بتدريب قوات المعارضة منذ أعوام، وليته لم يفعل حين التزم مع بضع عشرات، وكأن الأمر معني باقتحام مدرسة، وليس تحرير بلد!
الأمر لم يقتصر على ذلك، بل بالتجاهل المريب عن أفعال إيران في العراق وسورية ولبنان واليمن والخليج، وكأنه لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم، لتكون الطامة الكبرى الموقف الأميركي من المفاعل النووي الإيراني الذي بدأ متسامحا لينا مستعجلا على فك رهن الأموال الإيرانية المحتجزة، وإطلاق يد هذه الدولة المصدرة للقلاقل لتعبث بكل من حولها، ولولا أن قيض الله للكونجرس الأميركي أن يكون حازما لرأينا ما هو أشد وأفظع لمصلحة إيران.
التحول بالسياسة بين الشيطان الأكبر ومحور الشر يبدو أنه توجه رئاسي أميركي أكثر منه مصلحة عامة لأميركا، ولا أدل من ذلك الموقف الأوروبي القائم من الأفعال الإيرانية وحتى من المفاعل النووي، أيضا ما يبديه الجمهوريون في الكونجرس من مخاوف مستمرة من التنازلات الأوبامية التي يقابلها أيضا تجاهل لقضايا مهمة في المنطقة، كما هو الخطر الإيراني الظاهر للعيان والمساهمة العسكرية الطائفية المكشوفة في العراق وسورية واليمن.
اليوم وأوباما سيلتقي قادة مجلس التعاون في منتجع كامب ديفيد، فما الذي سيقدمه للمنطقة؟ وهل سيكون مساهما فاعلا في معاونتها على درء الأخطار لتكون أكثر استقرارا؟.. وإن فعل ذلك أو جزءا منه هل بإمكانه أن يدرك جليا أن الخطر يأتي من الشرق وليس الشمال، وبإمكانه ودولته العظيمة أن يساهما في التصدي لهذا الخطر؟!
بإمكاننا أن نصطنع التفاؤل وأن نعزز ذلك بموقف الكونجرس، والبحث الأميركي عن صفقات سلاح ضخمة، بعد أن باتت فرنسا تستأثر بذلك، لكن لن نستطيع أن ننكر أن أوباما ومنذ قدومه لم يستطع أن يقدم للمنطقة سوى الوهم وفي أحيان الصمت والتجاهل.. لذا لن ننتظر الكثير من هذا الرجل؟!