عضو حزب بيجاك لـ'الوطن': الأكراد والأحوازيون يواجهون منهجية تذويب الهوية
دخلت تبريز أول من أمس على خط اللهب الذي يطال إيران منذ فجرت فريناز خسراوني، وهي فتاة كردية في العشرين من عمرها، انتفاضة للأكراد ضد النظام الإيراني، بعدما اختارت أن تلقي بنفسها من أعلى إحدى بنايات مدينة مهاباد في إقليم كردستان، حينما وجدت نفسها أمام شخص، قالت مصادر من داخل الإقليم إنه أحد ضباط الحرس الثوري، كان بصدد اغتصابها، قبل أن تختار الموت هربا للحفاظ على شرفها.
وتداولت أوساط غير فارسية أن الفتاة كانت هدفا لضباط الحرس الثوري، وخيّرت بين تلبية حاجاتهم أو الموت الذي فضلته، فأقدمت على قذف نفسها من أعلى البناية التي كانت تتواجد فيها.
وكان سقوط خسرواني إيذاناً بارتفاع صوت كردستان منتفضة ضد النظام الإيراني الذي يقوم بانتهاكات واسعة ضد الأكراد، وهي الانتفاضة التي تتمدد باضطراد مشيرة إلى أن اللهب سيطال أماكن جديدة.
تعاطف دولي
ولقيت انتفاضة الأكراد تعاطف كثير من شعوب المنطقة، وأكد عضو مجلس قيادة حزب حياة كردستان الحرة بيجاك سيامند معيني في حوار مع الوطن أن الأكراد ماضون في نضالهم ضد التعنت الإيراني، بالإضافة إلى تحالفهم مع الشعوب غير الفارسية، التي تعاني من تدخلات الفرس ومشكلاتهم التي لا تتوقف. موضحاً أن الحرب الطائفية الكريهة التي ترعاها إيران في منطقة الشرق الأوسط، جعلت من المنطقة أرضا خصبة لنشأة المنظمات الإرهابية، التي لم يستبعد أن تكون طهران هي ذاتها من ترعاها بشكل منظم.
وشدد معيني على أن إيران لا تؤمن بالتفاوض وحل القضايا المصيرية داخل إيران، وإنما تتصرف بغطرسة مع الشعوب غير الفارسية والقوى الديموقراطية، وتحظر أي نافذة للأفكار والمعتقدات المختلفة معها.
كل هذه المسائل تطالعونها في نص الحوار.
في ظل الأزمة الحالية لمنطقة الشرق الأوسط كيف تقيمون مستقبل الشعب الكردي؟
الشعب الكردي شعب مسالم ويعيش في منطقة استراتيجية وجيوبوليتيكية، ويقع لا إراديا ضمن التناقضات الدولية والإقليمية، والابتعاد عن الاحتكاك مع هذه التناقضات غير ممكن.
ومنطقة الشرق الأوسط في مرحلة تغييرات جذرية، والشعب الكردي جهز نفسه لهذه التغييرات وهو الذي تعرض تاريخيا وبعد معاهدة قصر شرين ثم معاهدة سايكس بيكو ولوزان إلى انتهاكات وممارسات وحشية من الأنظمة الإيرانية.
على مر الأزمان، كيف واجهت الحكومة الإيرانية التحركات الكردية؟
مارست الحكومات الإيرانية المختلفة سياسات شوفينية وإقصائية ضد الشعوب غير الفارسية، واستهدفت هوياتها من أجل تأمين مصالحها على حساب هذه الشعوب، والوضع الراهن والنظام الذي يتمتع به الشعب الكردي خلق أرضية مناسبة لوأد مؤامرات الأعداء.
كما أن الشعب الكردي عبر إرادته الصلبة تمكن من تحويل نفسه إلى رقم صعب في المعادلات الدولية والسياسات الخارجية للدول، وأسهمت الأوضاع الراهنة في جعل الأكراد عاملا مؤثرا وفعالا في الصراع الجاري في المنطقة، لتمثيل إرادتهم. وقد نظمنا أنفسنا ونتعاون وسنتعاون مع كل الشعوب غير الفارسية، ومع أي جهة لا تعارض إرادتنا.
هل تواجهون سياسة تذويب الهوية في الأحواز نفسها، وما نوع الصهر الثقافي الذي تواجهونه في كردستان؟
الشعوب غير الفارسية تشترك في كثير من النقاط من بينها السياسية والثقافية، ولذا فعدوها مشترك، والنظام الديكتاتوري الإيراني لا يعترف رسميا بالعرب في الأحواز، ويمارس كل سياسات الصهر الثقافية والاجتماعية والسياسية ضد هذا الشعب العربي المقاوم، ساعياً لإذابة هويته، كما عمل على تهجير الأحوازيين من بلدهم في إطار سياسة الصهر، ووطّن شعوبا أخرى فيه.
واستنادا إلى أفكارنا ومعتقداتنا، فنحن ندين بشدة هذه الممارسات الظالمة ونقاومها وسنقاومها. والعقلية التي تمارس استهداف الهوية في الأحواز تمارس المنهجية العنصرية ذاتها بشكل يومي في كردستان. ونحن منذ سنوات نقاوم الصهر الثقافي والسياسي وندافع عن هويتنا، على الرغم من أن النظام الإيراني يتعامل مع الأكراد بنظرة أمنية وعنيفة.
عدو مشترك
ثمة نقاط اشتراك عدة بين الشعب العربي الأحوازي والشعوب غير الفارسية، فلماذا لا تبدؤون مقاومة مشتركة وعلى نطاق أوسع ضد النظام الفارسي؟
سؤال مهم وجوهري للغاية، الشعوب غير الفارسية تتشابه في كثير من الأوجه وبينها علاقات كثيرة، ومنذ آلاف السنين تعيش متجاورة، وسياسات القمع والتنكيل وتذويب الهويات الفرعية التي تنتهجها إيران تستهدف الشعوب غير الفارسية التي تعرضت جميعها لممارسات عنصرية وشوفينية، وللشعبين الأحوازي والكردي عدو مشترك، وهما يملكان السياقات التاريخية المناسبة من أجل إبرام اتفاقات عملية واستراتيجية، وبناء تحالفات وعلاقات وثيقة مع الشعوب المظلومة من أساسيات فلسفتنا، ولن ندخر جهدا في سبيل تحقيقه.
خطوات عملية
هل خطوتم أي خطوة في اتجاه التحالف مع الأحواز أو غيرها؟
حققنا بعض الخطوات في هذا الشأن، وفي المستقبل سيزداد التعاون وتتوثق العلاقات أكثر مع الشعب الأحوازي والآزري والكردي والبلوشي والتركماني والمازندراني والجيلكي، فجميعنا نواجه عدوا مشتركا هو النظام الاستبدادي في إيران.
ما الاستراتيجيات التي اتخذتموها لتعزيز التعاون مع الشعوب غير الفارسية؟ وما نظرتكم لتوثيق التعاون وتحديد آليات مشتركة للعمل؟
صوّتنا في مؤتمر سابق لصالح مبدأ التعاون مع الشعوب غير الفارسية، وبناء علاقات صداقة معها وبناء الدولة الديموقراطية، واستنادا على ذلك نعد أنفسنا مع الشعوب غير الفارسية في جبهة واحدة، وقد نظمنا أنفسنا، ونملك القوة الكافية لمواجهة النظام الإيراني.
نسعى إلى التعاون والتحالف مع الشعوب غير الفارسية وخطونا بعض الخطوات تجاه هذا المسعى، وبذلنا جهدنا لتوظيف قدراتنا وتوجيهها ضد الحكومة الإيرانية للرد على غطرستها، وتهيئة الظروف الديمقراطية للشعوب غير الفارسية ولمن يتوق إلى الحرية.
النظام الإيراني لا يؤمن بالحلول السلمية والتفاوض مع الشعوب غير الفارسية، ولكنه يتفاوض مع أميركا حول الملف النووي، كيف تقيمون هذه السياسة؟
النظام في طهران لا يؤمن بالتفاوض، ويتصرف بغطرسة مع الشعوب غير الفارسية والقوى الديموقراطية، ويحظر أي نافذة للأفكار والمعتقدات المختلفة معه.
وهو يتخذ من الهجوم سياسة له داخل وخارج حدوده السياسية، وتسبب بحالة من التشنج والتوتر في المنطقة.
وفي الوقت الراهن يمكن مشاهدة تأثير سياسة تصدير التشيع الصفوي أكثر من الفترات السابقة، من خلال التدخل العسكري للنظام في العراق وسورية ولبنان وأفغانستان، والذي أدى إلى إرباك المنطقة وزعزعة استقرارها وإلحاق الضرر بتوازناتها.
إيران دائما ما تسعى إلى الاستفادة من التنوع والاختلافات وتحاول أن تستغلها وتوجهها ضد بعضها البعض، وتخلق منها تناقضات وتضع الشعوب غير الفارسية في مواجهة بعضها البعض، وتؤسس لحالة من العداء بينها، وفي النهاية تستغلها لمآربها. ولاحظنا أن الحوار بين أميركا وإيران حول الملف النووي وضغوط مجموعة 5+1 على إيران بخصوص أجهزة الطرد المركزي والسلاح النووي أخذ فترة طويلة وإلى حد الآن لم يثمر عن شيء باستثناء العقوبات الاقتصادية والضغط على الشعوب غير الفارسية. وعلى الرغم من أن الضغوط الاقتصادية أضرت بإيران، إلا أن سياسة أوباما الناعمة ساعدت إيران على أن تنشط خارج حدودها وتوسع تدخلاتها وتثير الاختلافات المذهبية العرقية في المنطقة مثل الخلاف بين الشيعة والسنة، وهذه السياسة وضعت المنطقة وأمنها على شفا الهاوية، وكذلك استهدف النظام الإيراني المعارضين والباحثين عن الحرية وقمعهم بشدة.
سياسة استبدادية
تحدثت عن سياسة إثارة الفتن بين الشعوب غير الفارسية وهذا الموضوع يمكن مشاهدته في كل منطقة الشرق الأوسط وليس فقط إيران، فكيف تقرأ هذا الأمر؟
النظام الفارسي يستخدم سياسة فرق تسد للسيطرة على الآخرين، وعبر هذه السياسة يخلق تناقضات بين المكونات المتعددة ومختلف المذاهب والعرقيات ويخلق بينها عداوات. وهذه السياسة الاستبدادية والباحثة عن الهيمنة لها جذور في المرحلة الاستعمارية والكولونية إذ استفادت منها في السابق.
والقوى العظمى في منطقة الشرق الأوسط تستخدم التناقضات بين المكونات السياسية والعربية والمذهبية من أجل الحفاظ على التوازن، بتأجيج الصراعات الطائفية وتأصيل الخلاف بين الشيعة والسنة ودعم الهلال الشيعي مقابل الهلال السني، ودعم التضاد الحاد بين شعوب المنطقة وخلق حالة عدائية بينها كلها تنبع من سياسة التسلط والهيمنة. وإيران منذ مدة مارست هذه السياسة وما زالت تستخدمها كسلاح ضد خصومها. ومن أجل مواجهة سياسة التسلط يجب إشاعة الصداقات والمحبة بين الشعوب، وهذه من الضروريات الجوهرية لهذه الشعوب. وفي الوقت ذاته من أجل ديموقراطية المجتمع اتخذنا بعض الخطوات ومن أجل النجاح لا بد من المساعدة والتعاون مع الشعوب غير الفارسية.
ما مطالبكم من الدولة الفارسية؟
إن نظام ما يسمى بالجمهورية الإيرانية يستند على مبدأ ولاية الفقيه المطلقة، وهذا النظام في حالة تضاد مع مطالب الشعوب بالديموقراطية والتحول إلى مجتمع ديموقراطي. لذلك نحن، ومن أجل الحصول على حقوقنا وحقوق الشعوب الأخرى نناضل وسنستمر إلى أن نبني مجتمعا ديموقراطيا، هدفنا الحصول على الحرية وتحقيق مطالب الشعب الكردي وكل الشعوب الأخرى.