في كل مرة يأتي الحديث عن إسرائيل نتعوذ بالله من هذا العدو الذي سرق أرض العرب وشتت أهلها.. ثورات العرب ومتغيراتها من الخمسينات وحتى نهاية الثمانينات ارتبطت بإسرائيل.. وكل رئيس انقلابي يوجه رسالته الأولى إلى أهل فلسطين ويعدهم بالنصر الذي سيبدأ من عنده!
ولم يكن أستاذنا في المرحلة الابتدائية إلا وجلا خائفا وهو يردد إن لم يوقف العرب إسرائيل فستصل لتبلغ الفرات شرقا والنيل غربا والمدينة المنورة جنوبا.. الأيام والسنون كشفت لنا أن إسرائيل لم تبتعد كثيرا عن أرض فلسطين، ولم تصل إلى ما قاله معلمنا، وإن ازداد جورها على أهلنا هناك.
إسرائيل كانت ورقة سياسية لعب بها انقلابيو العرب كثيرا، واتضحت الصورة أن إسرائيل تطمع في الأرض التي هي عليها وما عليها من الآخرين أن يتشاجروا أو حتى يدفنوا بعضهم، المهم ألا يمس أمنها.. ليظهر لنا أعداء آخرون أشد خساسة وتدميرا. تدثروا بالشعارات والأيديولوجيات الرنانة صوتا، الفارغة محتوى، ليخطفوا عواصم عربية مهمة، ويوجدوا الانقسام ويثيروا الرعب فيها. تبنتهم وقادتهم إيران الطائفية بالشعارات نفسها التي صنعها الانقلابيون العرب، إلا أنها حسّنتها بالأيديولوجيات المتحركة لتجعلها شعارا وسبيلا لغزو أرض العرب، حتى أصبحت أكثر تغلغلا وهي تمارس الرقص والتغني بكره إسرائيل وأميركا، لتسرق كما إسرائيل أرض العرب.
في السابق، كان من بيننا جهلة مساكين، ضحك عليهم
عبدالناصر والعسكر في العراق وسورية، من أولئك الذين كانوا يعدوننا بأن يرموا إسرائيل في البحر ويعيدوها إلى أهلها الفلسطينيين.. لكن يا لسوء حظنا فحين تكشفت الأمور عن كذب أولئك العسكر الانقلابيين، أُبتلينا باستعمار شعاراتي إيراني جديد عنوانه الشيطان الأكبر والشيطان الأصغر، ولكن ما بداخله لا يهمه ماذا تقول أميركا ولا ما تفعل إسرائيل، بل عمل إيراني للسيطرة على أرض العرب وسرقتها من أهلها عبر الميليشيات المتسلطة.
والآن بعد حصاد السنين وقراءة تاريخ إسرائيل وإيران في المنطقة، سابقا وحاليا، علينا أن نفكر بعمق لأجل مستقبل بلادنا وأبنائنا، وليبدأ هذا التفكير بالبحث عن إجابة للأسئلة التالية:
أيهما أشد خطرا على بلاد العرب في العراق والشام ولبنان والأردن شمالا ودول الخليج واليمن جنوبا، إسرائيل أم إيران؟ أيهما يزرع الفتن والقلاقل ويثير الأيديولوجيات؟ من يربي الميليشيات وينميها لجعل البلاد غير مستقرة؟ أيهما تجاوز حدوده الجغرافية لنقل أطماعه وأفكاره الطائفية النتنة!
ثمة سؤال أخير ذو شقين: من كان أكثر فتكا وقتلا وخداعا للعرب: عميل إيران المالكي أم رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو؟ ومن أكثر دموية عبر التاريخ بشار أم جولدا مائير، وإن كنت لا أشك أبدا أن المعنيين وفي كلا الاتجاهين وجهان لخلفية إرهابية واحدة!، ومع ذلك لن أستفيض في الأسئلة عما فعله مندوبا إيران الآخران نصرالله والحوثي في لبنان واليمن على التوالي، لأني لا أحبذ طرح الأسئلة ذات الإجابات السهلة!
إذا استطعنا وفق المعطيات والأحداث أن نجيب عن هذه الأسئلة، سنكون أدركنا عدونا الحقيقي الذي يجب أن نحذره أكثر.