أتوجه بهذه القصة إلى الوزير الإنسان أبو محمد، وهو الذي عودنا منذ أن حمل حقيبة وزارة التعليم على البساطة وعدم التكلف والمكاشفة، ودعا غير مرة إلى مخاطبته شخصيا حول أي قضية تخص التعليم والمعلمين، ولعله يجد هنا ما يجعله يقف على معاناة شريحة من المعلمين والمعلمات ويجد لها حلا فوريا، بما يضمن سير العملية التعليمية على أكمل وجه دون منغصات.
المعلم بندر محمد، قضى في السلك التعليمي نحو 15 عاما وكان طيلة هذه الأعوام من خيرة المعلمين في تخصصه وانضباطه، وقبل ثلاث سنوات انضمت زوجته إلى الوزارة كمعلمة بعد انتظار طويل وجاء تعيينها في قرية نائية في محافظة بيشة.
الزوج المعلم استجاب لقرار الوزارة ورغبة زوجته وذهب معها إلى مكان التعيين، وهناك وفر لها بيتا يضمها وأبناءها الثلاثة، اثنان منهم في المدرسة، ثم عاد أدراجه إلى جدة حيث مقر عمله، على أمل أن يلتئم شمل العائلة في أقرب فرصة عملا بنظام لم الشمل الذي أقرته الوزارة منذ سنوات.
اليوم دخل الزوجان السنة الثالثة وما زالت الزوجة في قرية بيشة وزوجها في جدة، رغم أنهما في كل عام يطلبان لم الشمل في حركة النقل، والمصيبة الكبرى أن ابنيهما اللذين يدرسان في الابتدائية دخلا في حالة نفسية بسبب عدم ارتياحهما لحياة القرية، وفراق الأب، واضطر والدهما إلى نقلهما بعد أول فصل دراسي قضياه مع والدتهما إلى مدرسة في مكة لتقوم أم زوجته بدور الأم والأب معا!
إذن الصورة النهائية كالتالي، الأب يعيش في جدة حيث مقر عمله والأم تعيش مع ابنتها الصغيرة، إذ تم تعيينها في بيشة، والطفلان الصغيران يقيمان مع جدتهما في مكة! تفكك أسري لا خيار لهم فيه غير أن الوزارة ترفض نقل أحدهما ولم شتات هذه الأسرة.
هذه القصة ليست الوحيدة في وزارة التعليم، فهناك العشرات من الأزواج المعلمين والمعلمات ينتظرون لم الشمل الذي أقرته الوزارة كأحد أنظمتها، ثم أخذ تطبيقه ينحصر شيئا فشيئا، مأساة هذه الأسرة تتعاظم يوما بعد الآخر، ولمعالي الوزير أن يتخيل كيف هو حال الأم وهي تعيش بعيده عن أطفالها وكيف حال الأب وهو يقضي أيامه متنقلا بين بيشة ومكة وجدة، للوقوف على أوضاع أسرته وسد احتياجاتها!