بعيدا عن احتفائياتنا المجيدة بعاصفة الحزم.. وبعيدا عن كونها أعطتنا ثقة كبيرة بأننا قادرون على أن نستبق كيد الأعداء ونصد العدوان، بل وندفنه في محله، نقول بعيدا عن ذلك كله، ألم نسأل أنفسنا: لماذا يحدث مثل ذلك في بلاد العرب؟
والسؤال الأهم: لماذا يتجرأ الآخرون علينا حتى بتنا محلا للصراعات الفكرية والأيدولوجية؟ للانقسامات والانقلابات؟ والأشد أننا بتنا مكانا للتفريغ السياسي من لدن الدول الكبرى وحتى المؤثرة، أو من نوعية تلك الدول المخادعة كما هم جيراننا على الضفة الأخرى من الخليج؟
لن نلوم أحدا بل علينا لوم أنفسنا.. انظروا إلى العراق ولبنان واليمن، حتى أرذل الفرق وأشدها فتكا وأخبث الأفكار والتوجهات تعيش على أرضها، ليس إلا لأنها وجدت البيئة المناسبة والتربة الخصبة لطرح بيوضها وتكاثرها.. اقرؤوا اليمن.. كانت العصابات والفرق الضالة، والجماعات التكفيرية تحتل أرضها وتفتك بأهلها، دون حسيب ورقيب، وحكومته تغض النظر ترجو سلامتها، ولا يهمها شيء آخر، وحينما استوت الأرض وصلحت للإفساد مجتمعة حضرت إيران لتزرع شياطينها لابتلاع اليمن وتهديد الجيران.
الأمر في اليمن أكثر شبها بالعراق، في كل مقومات الإفساد، وإن كانت إيران تمثل جزءا كبيرا منه فهي تسيطر أكثر، بل تقتل من يخالفها طائفيا دون حسيب ورقيب، والأمر نفسه في الشأن اللبناني، وها هي تفعله في سورية، عبر زبانيتها من الطائفيين الباغين، الذين لا يرون النجاة إلا في التآمر على الآخر وبث الفرقة والتناحر بين أفراد المجتمع الواحد. ولعلنا في إطار القلق نفسه تبحث إيران من جديد عن موطئ قدم في بلدان عربية أخرى.
في الشأن العربي والسيطرة الإيرانية أو التكفيرية على أراضيها، هلّا سألنا أنفسنا عن حالنا المتردية وعن أسبابها؟ لن نجد جوابا أكثر من الحكومات الفاسدة التي ما برحت تبحث عن الحكم، حتى لو تخلت عن البلاد والعباد، تلك الفاسدة أوجدت البيئات المناسبة للضلاليين والطائفيين والتكفيريين ليجدوا المكان المناسب، فماذا فعل صالح لجماعات القاعدة في بلاده؟ لم يرفع عليهم بندقية، بل استثمرهم لنيل مزيد من المساعدات.. ما مهد الطريق للجماعات المتخلفة -كما الحوثيون- أن تكون ذا شأن، وهنا ابحث عن إيران! ولبنان ليس عنّا ببعيد مع الحكومات الضعيفة التي جعلت لطهران مدخلا لتعيش سطوة الطائفي وهو يفتك بأهلها وسط الرضا والخنوع!
جدير أن نسأل أنفسنا عن: ما الذي حلّ بنا ونحن أهل السلام والخير والتسامح؟ ما الذي حل بأمة العرب حيث أصبح يقود بعضا منها الجاهل والأفاك والطائفي؟ والأسوأ أن تأتي قيادتها من الخارج.
ولن نتخلى عن السؤال لماذا تفعل إيران ذلك؟ لماذا تؤيد الانقسام وتنشر الطائفية؟ أنا لست كبعض بشر يرون أن هناك غِلاً في القلب الإيراني على كل ما هو عربي، ولا بد من الفتك به ثم تمزيقه، بل هو حب السيطرة، وفرض الذل والخنوع على الآخرين، ولا سبيل أفضل من الأيدولوجيات وبث التناحر في كل بلد، ليستقر الأمر لها كما هو في العراق ولبنان. لكن يبدو أن سوءتها انكشفت تماما، ويبدو أيضا أن عاصفة الحزم ستكون بدء التطهير من الدرن الإيراني.