تابعت بعض البرامج الرياضية الحوارية اليومية خلال الأسبوعين الماضيين ولاحظت تواصل الهبوط الحاد للمفردة وللرؤية وللطرح عموما، ولم يعد هناك حسن اختيار للضيوف أو أن النقاد والكتاب بدأوا يبتعدون عن هذا المستنقع الحواري السيئ.
للمرة الألف أقول إن القضية كرة قدم ورياضة ومتعة وترويح عن النفس واستمتاع باللعبة الجميلة وباللاعب الموهوب، ولا نحتاج إلى معارك وبطولات كلامية لنظهر بدور البطل مع جماهير أنديتنا التي نميل إليها وعند الإداريين وأعضاء الشرف.
هناك من يحاول أن يظهر أمام الجميع أنه محايد وموضوعي ولكن عندما يتعلق الأمر بناديه يتقلب وجهه ألوانا ويظهر عليه التعصب ويصبح الميل ظاهرا بل وأحيانا الحقد والبغضاء والكراهية.
للأسف هناك أكثر من (60) ساعة أسبوعيا للبرامج الرياضية تبث بشكل مباشر بين إذاعة وتلفزيون، وتحتاج هذه البرامج لـبربرة، وكلما كان الشخص كثير كلام يكون مطلوبا أكثر ويعطى مساحة أكبر وممكن فلوس أكثر، وكلما كان طرحه سيئا كلما كان سلعة غالية في هذه البرامج.
شخصيا، عندما أضطر للخروج الإعلامي في بعض البرامج التي أختارها بعناية وأختار موضوعاتها في مدد متباعدة قد تصل إلى سنة بين حلقة وأخرى، أشعر بحرج شديد كيف سأواجه الجمهور الرياضي!! وتجدني أقرأ  اللوائح وأطلع على المواضيع التي ستطرح في الحلقة، بينما الأغلبية للأسف قد يذهب من الاستراحة إلى البرنامج عشان يقول أي كلام والمهم أنه ظهر وشافوا الناس صورته!!
أستغرب من أسماء إعلامية كبيرة وقيادية ولها باع طويل في العمل الإعلامي مستعدة للظهور في أي برنامج وفي أي وقت وممكن مرتين في اليوم ومع أي ضيف آخر قد يكون في مستوى أحفاده سنا، ولا يخجل ولا يشعر بشيء من الاحراج.
بل إن الضيف الشاب لا يهمه من يكون الضيف الآخر وبكل جرأة ينتقد ويناقش في أمورعميقة في الرياضة، ومستعد للحديث عن الميزانيات والاحتراف واللوائح والقرارات والتعاميم الرياضية وغير الرياضية ومهارات اللاعبين ونوعيات المدربين والمعسكرات والتسويق والاستثمار والتذاكر، بل إنه مستعد للحوارفي أي موضوع يطرح رياضيا وغير رياضي حتى لو كان سياسيا أو عسكريا أو اقتصاديا ..إلخ.
إن القنوات الفضائية تقع عليها مسؤولية ضبط مثل هذه البرامج وما يدور فيها ومحاولة تطوير أدائها ونوعية ضيوفها وآليات مناقشة الموضوعات والقضايا المطروحة، وبنظرة سريعة على بعض البرامج نجد أن الملل أصاب مذيعها من التكرار، بل وأصاب ضيوفها ولكنهم لا يتورعون عن الظهور والحديث في أي شيء.
لابد أن تسن الدولة ممثلة في وزارة الإعلام وهيئة الإذاعة والتلفزيون قوانين وأنظمة للعمل الإعلامي، خصوصا البرامج الحوارية الرياضية، وتربط بالمستوى التعليمي والخبرات والتخصص كما هو في بعض الدول المتقدمة، لأن السكوت على هذا النوع الرديء من الطرح الإعلامي سيجرنا إلى سقوط أكبر في وحل التعصب والعنصرية وغيرها مما قد يصعب معه انتشال الوضع ومكافحته.