نتمنى على حكومتنا الرشيدة السير بخطوات سريعة في تسليح بلادنا بما يضمن أمننا، فالعالم مع الأسف عاجز عن فرض قوانينه على الخارجين عنها، ومنطق القوة لا بد منه لحماية البلاد والعباد

حالة الهيجان التي أصابت الشارع الإيراني جراء اتفاق لوزان الذي تم اعتماده بين دول كبرى وإيران، حالة تعد فريدة من نوعها.. فخلال العقود الماضية لم يعش الإنسان الإيراني حالة كهذه، ولو حاولنا البحث عن أسباب هذا الإجماع الشعبي الإيراني سندرك أنها علامة واضحة لما كان يعيشه المواطن الإيراني من ضيق وقهر على كافة المستويات النفسية والاقتصادية كنتاج طبيعي للعقوبات التي فرضت عليها من المجتمع الدولي، وجراء العزل الدبلوماسي الذي عاشته إيران لعقود.
ذاك الضيق الخانق الذي عاشه الإيرانيون مرغمين لسنوات دفع أحدهم داود غفري إلى القول تعليقا على الحالة التي يعيشها كمواطن إيراني صرنا قادرين الآن على أن نعيش في شكل طبيعي كما بقية العالم، كان واضحا للعيان أن الإنسان في إيران عانى من العقوبات الدولية التي تسببت فيها حكومته، من خلال خروجها عن القانون الدولي وتسويفها المتكرر.
وأجزم أن الإيرانيين لم يتوقفوا عند أي بند يتعلق بالاتفاقية، كثر توقفهم وفرحهم بما قاله وزير خارجية بلادهم محمد جواد ظريف من أن هذا الاتفاق: سيوقف العقوبات المرتبطة بالبرنامج النووي يخيل إلي أن الشعب الإيراني تنهد الصعداء وهو يسمع تصريح الوزير فقد كان إعلانه هذا بمثابة إطلاق سراح شعب عاش لسنوات في السجن الانفرادي بسبب حكوماتهم التي لم تهتم إلا بجر الويلات للشعوب العربية المجاورة وغير المجاورة.
المواطن الإيراني يظن أنه خرج من صومعته.. ولذا لم يبال بإظهار فرحه الجارف بهذه الاتفاقية التي يفترض أنها أنهت معاناته.. هو يعتقد أن الفرح قادم.. وأن حكومته ستوليه بعض اهتمامها، وأن حياته اليومية ستتحسن، وأن العالم سيستقبله بالأحضان.. هكذا يظن وهكذا يترقب.
ولكن الخافي عنه أن العالم لم يعد يثق بحكوماته ولا بأقوال ساسته، وأنه يترقب أي خروج عن هذه الاتفاقية ليغير مساره إلى عقوبات أشد وأعظم.. فالعالم يدرك أن أطماع هذه الحكومات تنصب في المقام الأول في إحياء أمجاد الإمبراطورية الفارسية البائدة.
وهي في سبيل تحقيق ذلك لن تمانع في إحراق من حولها ومن هم بعيدون عنها، هي لا تمانع مطلقا في ممارسة الإرهاب الدولي وبامتياز.
أما ما قاله بهرانق علوي وهو أحد المشاركين في ذاك الهيجان فيدعو للتوقف.. فقد جاءت كلماته موافقة لما قاله وزير خارجية إيران إذ قال مهما كانت النتيجة النهائية للمفاوضات، نحن رابحون، سأعلق على قوله نحن الرابحون، لأن المغزى من كلماته الأولى تبقى في بطن الشاعر وإن كانت لا تخفى على اللبيب الفطن أمثال القارئ الفاضل.
وهنا أرد عليه وعلى وزير خارجية إيران: نعم أنتم الرابحون، هذا إذا.. التزمتم، لو احترمتم المواثيق الدولية، لو احترمتم أنفسكم وتوقفتم عن التذاكي على العالم أجمع، لو توقفتم عن تدخلاتكم في مقدرات الدول العربية، عندها تكونون بحق رابحين، أما إذا بقيتم على حالكم وارتأيتم التلاعب بين هذا وذاك.. فأظهرتم خلاف ما تبطنون، فاعلموا أن جيرانكم قد خبروكم، وهم أدرى بألاعيبكم، ولو صدقكم بعضهم فمن الصعب أن نفعل، وسنكون على الدوام حذرين سواء جلسنا على الطاولة نفسها أم لا..
لقد حولتم الصراع الدائر بيننا وبينكم الذي أشعلتم فتيلته إلى صراع مذهبي، جاعلين من أنفسكم قادة لهذا المذهب، ومع الأسف هناك من آمن بما تقولون، وعمد لترويجه.. لكننا كدول عربية نقف على أرض ثابتة وعلى مسافة تسمح لنا برؤية تفاصيل تجاهدون في إخفائها.. ونعجب كيف انطلت تعهداتكم على العالم؟!
ولكن يظهر أنكم لا تدركون أن المملكة العربية السعودية دولة لا تنكسر ولا تنحني بحول الله سبحانه.. فلا أنتم ولا مليشياتكم في اليمن وفي غيرها قادرة على المساس بأمننا ولا بأمن الحجاج والمعتمرين ولا بالمقيمين بيننا، وأن ردنا كان وما زال وسيبقى بحول الله، حازما ونافذا، وفي الصميم.
نتمنى على حكومتنا الرشيدة السير بخطوات سريعة في تسليح بلادنا بما يضمن أمننا، فالعالم مع الأسف عاجز عن فرض قوانينه على الخارجين عنها، ومنطق القوة لا بد منه لحماية البلاد والعباد، فكيف ببلاد لها شأن ديني واقتصادي وسياسي كالمملكة العربية السعودية، وغني عن البيان أن امتلاك السلاح النووي أمر لا غضاضة فيه إذا وجد بيد بلاد مثل المملكة العربية السعودية فهي لا تهوى اللعب بالبيضة والحجر كإيران التي جعلت الهم الأول لها امتلاك زمام الأمر على المنطقة العربية بما فيها بلادنا والتحكم بمقدراتها، وهي بغباء تعلن تطلعاتها تلك ولا تخفيها، وترى أنها أحق بها من أهلها. حفظ الله سبحانه بلادنا ورد كيد أعدائنا في نحورهم.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.