افتقدت الرياضة السعودية بشكل واضح خلال العقدين الأخيرين إلى الإداري الفذ الذي يمتلك مقومات قيادية وإدارية وفنية تجعله يستطيع التخطيط والتنظيم والتطوير للعبة التي يشرف عليها ويكون ملما إلماما عاليا بالأنظمة واللوائح المحلية والدولية في مجال اللعبة التي يديرها.
نعم أغلب الموجودين حاليا ليسوا من ذوي الإبداع والمهارات الاتصالية التي تستطيع الإقناع ولا يملكون الكاريزما الإدارية الخلاقة التي تبحث عن التميز والنجاح وتقفز فوق العثرات والمطبات والأخطاء، وإنما أشخاص مجتهدون ويبذلون جهودا كبيرة ولكنهم غير مبدعين.
الإداري الفذ لا يحتاج إلى أموال طائلة لتحقيق الأهداف بل إنه ينظر إلى أمور فنية وتجارب سابقة في بناء الخطة الاستراتيجية لعمله، ولذلك هو يعتمد على إجراءات وأعمال ومبادرات لتعزيز رؤيته لإحداث النقلة النوعية للعبة.
هناك قيادات عالمية حولت دولا وليس اتحادا أو لعبة من الفشل إلى النجاح، والأمثلة كثيرة فهذا مؤسس سنغافورة الحديثة الذي توفي قبل أسبوعين، وهناك رئيس وزراء ماليزيا ورئيس كوريا الجنوبية السابقين، قاموا بجهود وأفكار قيادية حولوا بلدانهم إلى مصاف الدول المصنعة والمتطورة جدا.
الرياضة السعودية لكي تنهض وتعيد مرحلة الثمانينات الميلادية الذهبية في البنية التحتية وفي التربع على عرش القارة الآسيوية في مجال كرة القدم وفي تطوير الألعاب كافة، تحتاج إلى قيادات إدارية لا يمكن أن يأتوا من معهد إعداد القادة الذي من الممكن أن يصقل الموهبة أو الكاريزما ولكنه لا يستطيع إيجاد أو خلق الموهبة في الأشخاص إذا كانوا لا يمتلكونها في الأصل.
هؤلاء القيادات يحتاجون إلى رؤية ثاقبة لاقتناصهم ووضعهم في مكانهم الصحيح وإعطائهم الفرصة لخدمة المملكة وهم كثر ولله الحمد، ولكنهم بشكل أو بآخر هم محيدون الآن إما بجهل في قدراتهم وإمكاناتهم أو استحواذ العلاقات الشخصية على التعيينات الإدارية التي أفرزت مجموعة غير إبداعية وإنما مجموعة تعمل لكي لا يتوقف العمل.
نحتاج إلى ثورة في اختيار القيادات الرياضية، وأنا هنا لا أتحدث عن الموظفين الذين يعملون في القطاع الرياضي وإنما الأشخاص المعنيون بالألعاب وإدارة البرامج والأنشطة الرياضية وتأهيل البلد للمنافسة القارية والدولية.
شخصيا لا أبحث عن نموذج غازي القصيبي وعبدالله الدبل يرحمهما الله، فهؤلاء مختلفون في كل شيء ولكنني أتمنى أن يتوفق الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير عبدالله بن مساعد في اختيار القيادات الرياضية ذات المواصفات الإدارية الفذة، لكي تساهم فعليا في تطور ونجاح منظومة العمل الرياضي في المملكة.
أؤكد هنا أن الإداري الضعيف أو غير المبدع أو الذي وصل بالعلاقات وبالواسطة أو القادم من بيئة المال والأعمال مهما كان مخلصا ونزيها لن يضيف شيئا إذ لا يمتلك الكاريزما الإدارية، وإنما سيؤجل أي فرصة للنجاح والتقدم والتطور للعبة أو الاتحاد المعني وبالتالي سيكون الجهد مبعثرا، ولذلك فالاختيار المقنن المدروس المعتمد على رؤية عميقة للباحث عن النوعية هو المطلوب في هذه المرحلة.