مشكلة الأحداث ليست مشكلة العائلات فقط، إنها مشكلة وطن يعاني من فقدان بعض أفراده الذين يفترض أن يكونوا منتجين إيجابيين، ومشكلة مجتمع له نظرة سلبية تجاه هذه الفئة
الأحداث جمع حدث، وهو الطفل الذي لم يصل مرحلة البلوغ وترجمته Juvenile الصبي اليافع الصغير. وهؤلاء تحديدا يتعرضون بشراسة لهجمة تجار ومروجي المخدرات في جميع أنحاء العالم، وضمن الحملة الشرسة أيضا التي تُخاض بها هذه الحرب ضد المخدرات، هناك نهج تطرقه كثير من دول العالم المتقدم وتبعه في ذلك بعض الدول الأخرى.
هذا النهج يتضمن الاختلاط مع الأحداث ومسايرتهم في كل تصرفاتهم بطرق علمية مخطط لها، يتم بذلك التعرف على كل ما ومَن يحيط بهؤلاء الأحداث في محاولات للتعرف بزاوية 360 درجة على حياة الأحداث وما يلفها من مخاطر. ليست نظرة سوداوية كما يتصور البعض أن نقول إن الأحداث هم ضحية محاولات شرسة ومنظمة وقوية لدفعهم إلى هاوية سوق المخدرات، لأنهم هم السوق الرابحة لهذه التجارة القذرة الخطيرة، وليست نظرة سوداوية أن نقول إننا ننبذ في مجتمعنا من حتى نظن ظنا أنه وقع في مستنقع المخدرات استخداما، غير مدركين أن مثل هؤلاء هم ضحية، وهم يستحقون الشفقة والعون والمساعدة من مجتمعنا بكل فئاته.
والأهم أن يكون الاهتمام من الجهات المعنية بتبني طرق وأساليب علمية ومن أهمها وأنجحها وأكثرها نتائج إيجابية هو الاختلاط مع الأحداث بأساليب علمية أيضا سبقنا إليها المجتمع الغربي الذي يقوم بإعداد دراسات تتبعية تعتمد بشكل كبير على الاختلاط مع الأحداث.
آفة المخدرات لا تصل إلى أوطاننا فقط، بل إلى مجتمعاتنا وبيوتنا أيضا، والجهات المعنية تعرف ذلك تماما، والحرب ضدها مستعرة منذ زمن طويل.
لكن المشكلة في عدم تحقيق تقدم كبير في القضاء على المخدرات قضاء مبرما هو ذكاء وتلون ونشاط وخطط تجار المخدرات والمروجين لها.
فهم يتلونون بكل لون حسب البيئة التي يوجدون فيها، مدفوعين بالثروة الكبيرة جدا التي تتحقق لهم من وراء هذه التجارة، وفي تلونهم براعة فائقة تجعلهم ينجحون على الأقل في أن المجتمعات والدول على مستوى العالم لم تتمكن من القضاء على آفة المخدرات.
واجبنا كمجتمع أولا حماية مجتمعنا من هذه الآفة ثم إخراج من وقعوا في هذا المستنقع منه، وحديثي هنا يتركز على الحماية.
لا بد من أن نعمل ووفق المستجدات في مجال البحث والدراسات من وضع كل شبابنا على الطريق الصحيح، مواطنين صالحين إيجابيين يسهمون في خدمة بلادهم ومجتمعهم، بدلا من أن يكونوا سلبيين، عبئا على أهلهم، عبئا على مجتمعهم، عبئا على وطنهم.
نعرف جميعا أن أغلى وأنفس ثروة يملكها الوطن هم شبابه، وأفضل إنجاز يعتز به الوطن أن يستثمر هذه الثروة لتنتج مواطنين منتجين يعملون على خدمة بلادهم، ويعملون على تطوير مجتمعهم، هذا الأمر يحتاج إلى جهد كبير، جهد علمي منظم، نستخدم فيه آخر طرق وأساليب الدراسات التتبعية التي تعطينا حقائق نبني عليها قراراتنا وخططنا واستراتيجياتنا وننجح بإذن الله.
هذه رسالة لا بد أن تصل إلى المعنيين في هذا الأمر، دراسة الأحداث لا يمكن أن تتم بالطرق التقليدية، ولا يمكننا الحصول على حقائق وأرقام صحيحة وصادقة إلا بدراسات تتبعية.
من اُبتلوا بالسقوط في وحل المخدرات هم خسارة كبيرة على الوطن وعلى المجتمع وعلى العائلة.
لا بد أن نعمل وبطرق علمية وجديدة أن نضع كل فرد في المجتمع قدر الإمكان في قطار المواطنة الصالحة ليكون إيجابيا منتجا. إن مشكلة الأحداث ليست مشكلة العائلات فقط، إنها مشكلة وطن يعاني من فقدان بعض أفراده الذين يفترض أن يكونوا منتجين إيجابيين، ومشكلة مجتمع له نظرة سلبية تجاه هذه الفئة.
آن الأوان أن ننظر إلى الجديد في مجال دراسة الأحدث لنقيهم شر المخدرات. للأسف هناك نظرة سلبية تجاه هذه الفئة. هذه النظرة لا بد أن تتبدل. هم مرضى يحتاجون إلى مساعدة، نظرتنا مفترق طرق. الأمر يعود إلينا.
وخلاصة القول، إنني هنا أنادي من هذا المنبر بالشروع فورا إلى تبني أسلوب الدراسة التتبعية للأحداث في بلادنا، وسنصل إلى نتائج مذهلة قد نصل في نهاية الطريق إلى تحقيق أهداف نوعية عدة.
نكسب مواطنين منتجين ونفوّت الفرصة على المروجين الذين يعدون المجرمين الحقيقيين. الطرق التقليدية لدراسة الأحدث لم تعد مجدية. رأينا في العالم المتقدم الآن أساليب وطرق جديدة. صحيح أنها تحتاج إلى جهد ووقت ومال وخطوات فيها صعوبات، لكن النتائج مذهلة بكل المقاييس. وتعطينا حقائق وأرقاما صادقة. أرجو أن نستجيب.