جدة: الوطن

شموس لا تغيب.. نجوم لا تنطفئ بورتريهات تصل الأجيال برموزها

لا يتردد الدكتور عبدالله مناع في الاعتراف بأن أحدث كتبه شموس لا تغيب.. نجوم لا تنطفئ ربما يكون مناسبا جدا للشبان من الأجيال الجديدة، إذ يقدم لهم صورة بانوراميـة، بلغة الصحافة الأدبية الرشيقة التي عرف بها مؤسس مجلة اقرأ مطالع السبعينيات الميلادية وأول رئيس تحرير لها، ليصلهم بمبدعين عالميين، ورموز وطنية من بلادهم، أسهمت بجدارة في إرساء أبجديات فنون الصحافة والأدب في السعودية. في كتابته التمهيدية للكتاب، يصف المناع القرن العشـرين رغم تخلله الحربين الكونيتين، بأنه قرن الإنجازات العملاقة، فقد قطعت البشرية فيه، مـا لم تقطعه طوال القـرون الماضيات، ولأنه كان كذلك، فقد امتلأت سنواته بالأسماء والنجوم، بالشموس والأقمار، والتي كان في طليعتها، الملفتة من مفردات التقدم الإنساني، الآداب والفنون والفكر والفلسفة والشعر والموسيقى.
هذه الأسماء يرى المناع - من وجهة نظره - أنها بقيت خالدة في ذاكرة الأجيال وسمعها، شاخصة في ضميرها ووجدانها، لأنها تركت بصمات لا تمحى، وكلمات لا تنسى، وأفكارا لا تموت.
المناع قال: لم أجد ونحن في بدايات القرن الواحد والعشرين خيرا من استرجاع لمحات من حياة تلك الأسماء، لا لأتذكرها وأذكر بها فقط، بل ولأبعث لها وهي في غيبة موتها الجسدي، بصحبة ورد وباقة حب تقول لهم إنكم فوق النسيان.
تقدم السعودي محمد حسن عواد هذه الشخصيات الفوق النسيان، التي رسمها المناع بلغة رشقة، تميزت بالرصانة، والسلاسة، والعذوبة، وإن جاءت على حساب المعلوماتي، كتغيـيب بعـض التواريـخ والإطار الزمنـي لها .  تحـت عنوان العواد أول الرواد دخل المناع لشخصية العواد عبر كتابه الأشهر خواطر مصرحة واصفا إياه بأنه ثالث كتب النهضة الأدبية في بلادنا، بعد أن انتهى العصران التركي والهاشمي، وكان شيئا مختلفا، موردا عبارة الأديب محمد علي مغربي كان مفاجأة للناس، فاستحق أن يدخل التاريخ إيذانا بابتداء حركة التجديد في الأدب والفكر.
ثم يثني المناع بعلامة الجزيرة حمد الجاسر، متحدثا عن ولعه بالمعاجم، عادا إياه المعجمي الأول الذي أغنى مكتبتنا بسلاسل رحلاته الجغرافية في ربوع الجزيرة العربية ليكون رائد التنوير المعرفي فيها وأحد تلك النجوم التي لا تغيب، وتلك الشموع التي لا تنطفئ التي ظللت سماء القرن العشرين . على مدى أكثر من 300 صفحة من القطع المتوسط، استعاد المناع 31 شخصية تألقت في سماوات فنون الأدب والصحافة والفلسفة والموسيقى، راسما بورتريهات، لأسماء لمعت في الساحة المحلية، وهم إضافة إلى العواد والجاسر عزيز ضياء، والزيدان، وحمزة شحاتة، وطاهر زمخشري ، وأحمد السباعي، وعبد الله عبد الجبار، وأحمد قنديل، وعلي الطنطاوي.
 أما خارج الساحة المحلية، فسلط المناع الضوء على أسماء منها البرتو مورافيا، وسارتر، وديستوفسكي، طه حسين، وطاغور، ومحمد إقبال، وجبران، وليبولد سنجور. وإذا كان نزار قباني، ويوسف إدريس، قد حضرا أيضا، فإن القارئ ربما تساءل، كيف ولماذا يغيب نجيب محفوظ  العربي الوحيد الذي حاز نوبل!؟