عاصفة الحزم تعد المحطة الأبرز في عواصف الحزم العربية وبكل اتجاه مما أفقد الإيرانيين القدرة على التوازن نتيجة لهذه العاصفة الحازمة وغير المتوقعة نهائيا

استهل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز كلمته في القمة العربية في شرم الشيخ بالحديث عن القمة الاقتصادية لدعم مصر، التي تُعتَبر عاصفة الحزم الاقتصادية، والتي كانت الغاية منها الالتفاف حول الشقيقة الكبرى مصر للخروج من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية التي تهدّد استقرارها ونموها وتقدمها. والمعروف أن الأزمة الاقتصادية كانت السبب الرئيسي في الفوضى الكبرى التي عاشتها مصر على مدى ثلاث سنوات متتالية، وكان لا بد من وقفة أخوية حازمة غير مسبوقة لدول مجلس التعاون الخليجي، وبالذات كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية ودولة الكويت، إذ قدموا ما يقارب 12 مليار دولار دعم للحكومة المصرية في اليوم الأول من المؤتمر، إضافة إلى المساعدات التي قدمت لمصر من قبل الدول عينها خلال السنتين الماضيتين.
جاءت تقديمات الدول الثلاث لتكون بمثابة قاطرة ثقة ساعدت على توقيع عقود في الأيام التالية للمؤتمر مع القطاع الخاص، العربي والدولي، ما يساوي 132 مليار دولار. وهذا الرقم عاصفة بحد ذاتها في إعادة الثقة للعمل العربي المشترك لتضع مصر على الطريق الصحيح نحو الاستقرار والتقدم، وخصوصاً المشاريع ذات العلاقة الزراعية والعمرانية والصناعية. كان العرب ينظرون إلى عاصفة الحزم الاقتصادية بالكثير من الأمل، وخصوصاً لدى الدول المتعثرة كالسودان وإريتريا والصومال. من هنا جاءت بداية كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بالحديث عن عاصفة الحزم الاقتصادية.
جاءت القمة العربية بعد أسابيع من عاصفة الحزم السياسي لتنقية الأجواء العربية العربية والأجواء العربية الإسلامية، وكان ذلك عبر عاصفة القمم التي عقدها خادم الحرمين الشريفين مع الملوك والرؤساء العرب والأمراء، إذ استقبل في الرياض قادة مجلس التعاون الخليجي، كلا على حدة، ثم استقبل الملك الأردني عبدالله الثاني، ثم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وفي الوقت عينه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وقبلهما الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس السوداني البشير، وأخيرا الرئيس الباكستاني نواز شريف. وكانت كل تلك الاجتماعات تنبئ بزمن عربي جديد وبعلاقة جديدة مع الجوار العربي، وهي عاصفة الحزم السياسي لتنقية الأجواء العربية العربية والعربية الإسلامية.
لا نستطيع أن نتجاهل عاصفة الحزم بالمبادرات والعلاقات الدولية، إذ استقبل خادم الحرمين الدول الكبرى بدءا بزيارة الرئيس أوباما والقادة الدوليين والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والوزير الأميركي كيري والوفد الفرنسي الرفيع، وآخرهم كان وزير خارجية بريطانيا عشية التطورات اليمنية، حيث كان الحديث واضحا حول عاصفة الحزم لدى دول المنطقة تجاه اليمن وتداعياته الخطيرة، ثم الدعوة للحوار في السعودية للأطراف اليمنية، وكذلك الأمر فيما يخصّ العراق وما يتعرّض له العراقيون من الإرهاب والميليشيات على حد سواء.
كانت الساعات الأولى من السادس والعشرين من مارس ساعة الصفر لعاصفة الحزم العسكري في اليمن لتحقق في دقائقها الأولى كل أهدافها، لأن إيران وأدواتها بنت استراتيجيتها على الضعف العربي والخلافات العربية العربية والعربية الإسلامية وعلى أنها تستطيع أن تتمدد حيث تشاء. وأن إيران تسيطر على أربع عواصم عربية بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت. وقد ذهب بعضهم للحديث عن الإمبراطورية الفارسية وعاصمتها بغداد محتقرين حتى حلفائهم العرب، وحاولوا الوصول إلى عدن كي لا يكون لليمن أي وجود في القمة العربية ولكي تكون قمة شرم الشيخ قمة الخزي والعار والانقسام.
تحدث الإعلام خلال الأيام الماضية بإسهاب عن عملية عاصفة الحزم العسكري وما أحدثته من إرباك لإيران وحلفائها في المنطقة العربية. وقد شاهد الجميع ما لم يكن يتوقعه أحد، حيث تشارك في عملية عاصفة الحزم عشر دول على أعلى مستوى من التنسيق الدقيق وبقيادة المملكة العربية السعودية. وكانت هذه العاصفة المحطة الأبرز في عواصف الحزم العربية وبكل اتجاه مما أفقد الإيرانيين القدرة على التوازن نتيجة لهذه العاصفة الحازمة وغير المتوقعة نهائيا. وبدا ذلك واضحا الاضطراب في التصريحات والدعوات إلى الحوار الذي كانوا يرفضونه على مدى أشهر طوال. والمفاجأة الكبرى كان التنسيق بين عشر دول دون أن يظهر أي خرق معلوماتي لمصلحة إيران التي كانت تتوسع دون رادع وكأن هذه البلاد ليس لها أهل وأن العرب قد ذهبوا إلى غير رجعة منذ زمان.
اختصرت كلمة خادم الحرمين الشريفين كل عواصف الحزم والأمل التي سبقت القمة العربية في شرم الشيخ، داعيا إلى الدولة التنموية الحديثة ومؤكدا على ما جاء في رسالته الأخيرة إلى الشعب السعودي الشقيق عن شركاء التنمية، إذ تحدث فيها بكل وضوح عن المواطنات والمواطنين، مؤكدا على الاستمرار في مسيرة الدولة الحديثة، داعيا الملوك والرؤساء إلى العمل على صيانة أوطانهم ومجتمعاتهم، مؤكدا أن الحزم ليس ظرفا عابرا بل هو استراتيجية حتى تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن السعيد والأمن والاستقرار في كل الدول العربية الشقيقة. وأكد على أهمية تطوير جامعة الدول العربية وتفعيل وظيفتها. وكان واضحا بالدعوة إلى دمج القمم العربية السياسية بالقمم التنموية لتصبح واحدة، للانتقال من الكلام إلى العمل والإنجاز. وبذلك يكون خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ملك الحزم العربي السياسي والاقتصادي والعسكري والإنمائي.