كان على الوزيرة السويدية أن تلتفت للانتقادات الشديدة التي أطلقتها منظمة حقوق الإنسان بشأن الثغرات الخطيرة التي تشوب حقوق الأقليات في السويد، بما فيها أوقات الحجز الطويلة وزنزانات السجون الانفرادية
لعل جهل وزيرة الخارجية السويدية مارغو والستروم بمفهوم الطهارة في حقوق الإنسان شجعها في منتصف فبراير الماضي على التورط بتصريحاتها ضد المملكة أمام البرلمان السويدي، مما أدى إلى استنكار الجامعة العربية لهذه التصريحات جملة وتفصيلا، وقيام السعودية باستدعاء سفيرها في السويد بسبب الإساءة للمملكة والتدخل في شؤوننا الداخلية.
الوزيرة السويدية، التي تتنافس دولتها هذه الأيام مع إيطاليا وهولندا على الفوز بمقعد من المقاعد العشرة غير الدائمة في مجلس الأمن، تجاهلت أحكام إعلان الأمم المتحدة الصادر برقم 36/103 والمعتمد بتاريخ 9 ديسمبر 1981، القاضي بعدم جواز التدخل بشكل مباشر أو غير مباشر، ولأي سبب كان، في الشؤون الداخلية والخارجية للدول الأعضاء بالمنظمة. فالفقرة (ي) من المادة الثانية لهذه الأحكام أكدت على: واجب الدول في الامتناع عن القيام بأي حملة تشهيرية أو قذف أو دعاية عدائية بغرض التدخل بأي شكل في الشؤون الداخلية لدول أخرى. وأضافت الفقرة (ل) من نفس المادة على: واجب الدول الامتناع عن استغلال وتشويه قضايا حقوق الإنسان، كوسيلة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول، أو لممارسة الضغط على دول أخرى، أو خلق عدم الثقة والفوضى داخل الدول أو مجموعات الدول وفيما بينها.
قبل اتهامها زورا وبهتانا لطهارة السعودية من الاعتداء على حقوق الإنسان، كان على الوزيرة السويدية أن تنتبه إلى ممارسات السويد غير الطاهرة لحقوق الإنسان، التي كشفها تقرير مجلس حقوق الإنسان في الأسبوع الماضي بمقره في مدينة جنيف، حيث أوضح التقرير أوجه القصور في تعامل الحكومة السويدية مع جرائم الكراهية والتمييز وحقوق الأقليات. وحذر التقرير من أن هذه هي المرة الثانية التي يضع فيها مجلس حقوق الإنسان ممارسات السويد تحت المجهر. وتزامنت هذه التحذيرات مع تصريح يوانا فيستيسون المحامية السويدية في منظمة الدفاع عن الحقوق المدنية، التي أقرت خلال الشهر الماضي أن دولة السويد تعاني من: ضعف في التعامل مع قضايا التمييز العرقي، وأن هنالك خروقات كثيرة في طريقة التعامل مع جرائم الكراهية، حيث تشير الإحصائيات إلى أرقام كبيرة في مثل هذا النوع من الجرائم، لكنّ عددا قليلا منها يأخذ مساره القانوني والقضائي في دولة السويد.
وقبل أن تنقض الوزيرة السويدية على المملكة لتشويه طهارتها في حقوق الإنسان، كان عليها أن تنتبه للانتقادات الشديدة التي أطلقتها منظمة حقوق الإنسان بشأن طهارة دولتها من الثغرات الخطيرة التي تشوب حقوق الأقليات في دولة السويد، بما فيها أوقات الحجز الطويلة وزنزانات السجون الانفرادية، فالعالم بأسره يعلم بحقيقة معاملة دولة السويد التمييزية لأقلية الرومر السويدية، خصوصا أن هذه الأقلية عاشت كل مظاهر التهميش على مدار مئات السنين، وعانت من قضايا معاداة الشرطة لها.
كان على الوزيرة السويدية أن تنفض لانعدام طهارة حقوق الإنسان في دولتها بعد مشاهدتها خلال الشهر الماضي لبرنامج جريمة الأسبوع في التلفزيوني السويدي (إس. تي. في)، الذي سجلته إحدى كاميرات المراقبة في محطة مالمو المركزية حول التصرفات الوحشية والعنيفة المثيرة للجدل التي مارستها الشرطة السويدية ضد طفلين سويديين في التاسعة من عمرهما، حيث أظهر هذا البرنامج مصارعة الشرطة السويدية للطفلين وتمديدهما على الأرض وركلهما بشدة، فقط لكونهما لم يمتثلا لأسئلة حراس الأمن.
وكان على الوزيرة السويدية أن تعترف بغياب الطهارة عن مؤسساتها المدنية التي أخفقت في منع انضمام 300 مواطن سويدي لتنظيم داعش الإرهابي. فطبقا لإفادته في 22 نوفمبر 2014، اعترف رئيس الاستخبارات السويدية أندروز ثومبرغ بأن: هؤلاء الشباب تخطوا حدود التصرف الإنساني في دولة السويد لارتكابهم الأعمال الإرهابية. وجاء هذا التصريح مناقضا لتقرير مؤسسة يوروستات الأوروبية، الذي أكد أن السويد هي إحدى أقل دول العالم تدينا وأكثرها إلحادا. فوفقا لإحصائيات المؤسسة الأوروبية، فإن 23% من مواطني السويد فقط يعتقدون بوجود الله، بينما 53% يعتقدون بوجود نوع من الروح أو قوة الحياة و24% لا يعتقدون بوجود الله أو أي نوع من الروح أو قوة الحياة. وكان على الوزيرة السويدية أن تعترف بغياب الطهارة في حقوق الإنسان بمجتمعها، حيث تزعمت السويد خلال العقود الثلاثة الماضية مبادئ الثورة الجنسية، لتمتلك السويد اليوم أعلى معدلات الأشخاص غير المتزوجين في العالم. وهذا أدى بدوره إلى ارتفاع نسبة زواج مثاليي الجنس في المجتمع السويدي، حيث أعلنت صحيفة (ذا لوكل) السويدية أن دولة السويد اضطرت في 1 مايو 2009 إلى إلغاء قوانين الشراكة المسجلة بين الجنسين واستبدلتها بقوانين الزواج أحادي الجنس، لتصبح السويد الدولة الأولى في العالم التي تؤسس لشراكات محلية مسجلة للأزواج من نفس الجنس.
بل كان على الوزيرة السويدية أن تلتفت إلى طهارة مواطنيها من معدلات الانتحار، التي قفزت إلى أعلى معدلاتها في غضون الربع القرن الماضي، حيث أقدم 1600 شخص على الانتحار في العام الماضي، وذلك طبقا للإحصاءات الصادرة عن المجلس الوطني السويدي للصحة والرعاية الاجتماعية. هذه الإحصاءات أكدت على أن معدلات الانتحار في السويد تسجل وقوع محاولة انتحار كل سبع ساعات بين النساء، وذلك بسبب تفاقم الانحلال الأخلاقي بين الجنسين، وتدهور الروابط العائلية، وتراجع الحقوق الإنسانية للمرأة السويدية.
على وزيرة الخارجية السويدية أن تراجع موقفها من المملكة لأن مفهومها بأحكام الطهارة في حقوق الإنسان أدى بمجتمعها السويدي إلى ما لا نقبله مطلقا في مجتمعنا السعودي.