الجهات الأمنية مسؤولة بدرجة كبيرة عن متابعة شوارعنا ومنع تجمعات الشباب فيها، ومن الضروري أن تكون هناك عقوبات رادعة لمثل هذه التجمعات وممارسة التفحيط الذي لا ينتج عنه إلا الخسارة في الأرواح والممتلكات

أصبحت الحوادث المرورية في مدننا ومحافظاتنا وجبة يومية تعودنا عليها، وتعود أسباب هذه الحوادث إلى عدد من العوامل المختلفة التي تمت مناقشتها في مقالات عديدة سابقة لعدد من الكتاب والمهتمين بهذا الشأن، إلا أن هناك حوادث مرورية من نوع آخر وهي التي تكون نتيجة لمرض التفحيط الذي تعاني منه جميع مناطقنا وبدون استثناء، ففي الأيام الماضية كان هناك حادث مأساوي نتيجة للتفحيط في محافظة خميس مشيط راح ضحيته مجموعة من الشباب بين متوفى، ومصاب، فقد مات ثلاثة شباب في مقتبل أعمارهم في الحال، وكان هناك عدد من المصابين بعضهم لا يزال يتلقى العلاج، وهنا أقول رحم الله المتوفين وعظم الله أجر أهلهم وذويهم، وأسأله تعالى أن يعجل بشفاء المصابين.
لي مع هذا الحادث وقفة من حيث مكان حدوثه، فقد وقع في أكبر شارع في المحافظة، وهذا يجعلنا نستبعد عامل الطريق الذي قد يسهم في حدوث بعض الحوادث المرورية، ففي مثل هذا الشارع لا يتوقع أن تكون هناك حوادث مميتة ويكون ضحاياها بالجملة إلا أن يكون هناك تهور في القيادة إلى أن تفلت الأمور من تحكم قائد المركبة بحيث لا يستطيع السيطرة عليها، وهذا ما يتم في كثير من الأوقات. الوقفة الأخرى مع هذا الحادث من حيث توقيته، فقد تم في وقت متأخر جدا من الليل وقبل صلاة الفجر، وهناك تساؤل كبير لماذا هذا السهر كله لدى شبابنا؟ ومكان الحادث وتوقيته يثيران عددا من التساؤلات حول مسؤولية وقوع مثل هذه الحوادث في مدننا ومحافظاتنا، وهنا أرى أن هناك عددا من الأفراد والجهات مسؤولا عن تكرار وقوع مثل هذه الحوادث.
المسؤول الأول عن وقوعها هم الشباب أنفسهم، حيث يتجمع ويتجمهر كثير منهم في أماكن محددة، وفي أوقات متأخرة لتشجيع مفحط متهور لا يدرك نتائج ما يقوم به من استعراض وقيادة خطيرة عليه وعلى مشجعيه، كذلك الشباب الذين يقومون بالاستعراض بالسيارات وتحطيمها هم مسؤولون عما يقومون به من تصرفات عبثية وما قد ينتج عنها، وأنا أستغرب من أن الشباب الذين يحضرون مثل هذه التجمعات لا يدركون مدى خطورة تواجدهم في هذه الأماكن، وأن حضورهم يعد تشجيعا للشباب المتهور الذي يمارس التفحيط القاتل، فعند غياب الجمهور لن يكن هناك تفحيط بدرجة كبيرة. أما الجهة المسؤولة عن وقوع مثل هذه الحوادث فهي الأسر التي لا تتابع أبناءها وتحركاتهم، وتترك لهم الحبل على الغارب في خروجهم وعودتهم إلى المنازل، وهنا أقول إن الأسرة مسؤولة بالدرجة الأولى عن أبنائها، ولا بد من متابعة خروجهم وعودتهم وعدم السماح لهم بالسهر خارج البيت إلى أوقات متأخرة جدا من الليل، لأنه في الغالب لن ينتج عن هذه التجمعات والسهر المتأخر أمور إيجابية، فلا بد من تحديد وقت محدد للأبناء صغار السن يكونون بعده في المنزل ليلا، حيث هناك من يترقب خروج مثل هؤلاء الشباب ويعمل على تصيدهم.
أما الجهات الأمنية من شرطة ومرور، فهي مسؤولة بدرجة كبيرة عن متابعة شوراعنا، ومنع تجمعات الشباب فيها، ومن الضروري أن تكون هناك عقوبات رادعة لمثل هذه التجمعات الشبابية، وممارسة التفحيط الذي لا ينتج عنه إلا الخسارة في الأرواح والممتلكات، فغياب المتابعة الدقيقة والمستمرة من الجهات الأمنية للأماكن التي يتجمع فيها هؤلاء الشباب أتاح لهم فرصة التجمع وممارسة التفحيط وغيره من السلوكيات غير السوية، وهنا أرى أن يتم تكثيف الدوريات الأمنية من مرور وشرطة في الأماكن التي يتجمع فيها الشباب، ومن يمارس أي سلوكيات غير مقبولة يتم حجزه وحجز مركبته لفترة من الزمن حتى وإن تطلب الأمر استخدام القوة الجبرية، وتسجل عليه سابقة في سجله، كما أن مؤسسات المجتمع الأخرى مسؤولة عن الإسهام في توعية الشباب بخطورة مثل هذه التجمعات وما يصاحبها من سلوكيات مرفوضة من خلال تفعيل التوعية في المدارس، والخطب في المساجد، وعن طريق برامج إذاعية وتلفازية موجهة لمعالجة هذه السلوكيات ومناقشتها على وجه التحديد.