توالت الأخبار عن مسلسل متتال من الاستقالات التي حدثت وما تزال في إعلامنا المرئي والمقروء، ولا شك في كل من تولى أمور القيادة في فترات ماضية من حيث الأمانة والإخلاص للعمل، وهذا التاريخ يحمل إنجازاته، لكننا بحاجة لحماية المنجزات من جانب والتخطيط والتطوير في العمل الإداري من جانب آخر، فعندما تسيطر لغة الانسحاب في العمل المؤسساتي فإن ذلك سيعوق الربط بين الخبرات وبين التطلعات للنمو والتطور، ما لم يتم علاج هذه الأزمة بالحكمة والإدارة الناجحة.
رغم أنه طرأت تغييرات ووعي واضح على المؤسسات الإعلامية التي كنا نتوقع أن تخلق حراكا إداريا يقود إلى مزيد من تطوير الإجراءات وحل الإشكالات المعقدة والتي تمس مصالح المنتسبين،  إلا أن موضوع التخطيط لا يزال غائبا ويعيش في عزلة، هذا إذا كانت القرارات تؤخذ وفق اجتهادات شخصية لا تؤمن بالاستشارة أو العمل الجماعي، أضف إلى ذلك أن بعض المسؤولين المخلصين يخشى التغيير والعمل بالأفكار الجديدة، وحين يسيطر المناخ الروتيني والخامل على العمل فذلك يعطيهم الشعور بالاستقرار والديمومة، لكن المؤسسة تبقى بلا مخرجات حقيقية.
المشكلة هنا ترتبط بالجانب الشخصي وأقصد الفكر والسيكولوجية لدى بعض المسؤولين الذين لا يتصورون أن يشاركهم الآخرون في الصلاحيات واتخاذ القرار، لأن هذا الاستحواذ دليل على شعورهم بالقصور تجاه إنتاجهم والنقص في المعلومات والثقافة، والحل يأتي في ضخ الدماء الشابة في الأعمال الإدارية حيث نلتمس أن يكون في وسعهم الإدارة وفق عقليات جديدة لديها الإرادة والقدرة على التجديد ومحاكاة الواقع ومواجهة التحديات التي تخرجنا من كهوف العالم الثالث، وهذا كله يتمثل في موقف صريح وواضح تعمل عليه لجنة الإصلاح الإداري والجهات الرقابية التي يوجد بيدها حل التشخيص والمعالجة.
أصبح الناس أكثر وعيا وتطلعا للتغيير، وإن لم يتم إيجاد السبل للاتصال الناجح مع المجتمع فهذا سيقود إلى مزيد من العقبات والمشكلات المعقدة وسوء الظنون، وهذا من شأنه أن يحسن من تدهور الأداء وضعف التخطيط الذي يجعل أغلب القرارات تعامل بطريقة الإسعافات والعناية المركزة.