قدّم الثنائي الفني المُبهر: دريد لحام ورغدة فيلما من أجمل وأعمق أفلام السينما العربية، خلال المئة عام الماضية، وهو فيلم الحدود.
الفيلم ذو طابع كوميدي، لكنه جاد، وهو من نوعية الأفلام التي يختلط فيها الضحك بالبكاء والسخرية بالجدية.
الدائرة الكبيرة التي تتحرك فيها فكرة الفيلم، هي دائرة البحث عن وطن داخل الوطن، حتى وإن كان هذا الوطن الصغير، ليس أكثر من كوخ صغير وبسيط البناء، رأس تلّ، تحفه أصوات العصافير، وثغاء الماعز.
الفيلم يرفض فكرة التقسيم الجغرافي للوطن العربي، وحتى والفيلم لا يقول ذلك صراحة، خوفا من مقص الرقيب السينمائي والسياسي، إلا أن الإسقاطات واضحة، بدءا من تسميات البلاد في الفيلم شرقستان - غربستان...، وليس انتهاء بالشكل الأمني الصارم، في أسلحة الجنود وخوذاتهم، ونظراتهم، وأوامرهم، على الحدود الفاصلة بين البلاد الرمزية في الفيلم، وهي رمزية تنفتح بشكل واضح على واقع الحدود الجغرافية والاحترازات الأمنية وبيروقراطية التعامل بين نقطة حدودية وأخرى.
كان دريد لحام طوال الفيلم، يبحث عن وطن عربي واحد، لا تلعب فيه جوازات السفر لعبتها، وتُمايز بين عربي وآخر، أو بين إنسان وآخر، فالفيلم يقوم على فكرة محو الجنسيات، ما دام أن الإنسان واحد، وهي فكرة خيالية بالطبع، لكنها تحاول أن تحلم بما قد يتحقق، ولو على شريط سينمائي.
تذكرت وطن دريد لحام المنشود هذا، وأنا أرى عالمنا العربي الآن، ممزق الهوية والوجدان.