العجب أن يأتي بعض من المثقفين لينادوا بتغيير سلوك المناصحة والبحث عن وسائل أخرى تصب في الغرض ذاته لكن بمعالجة أخرى، ما الذي يمنع أن يستمر هذا العطاء الأمني والاجتماعي والنفسي ويضاف إليه ما يفكر فيه هؤلاء النجباء المصلحون على حد تعبيرهم؟

ما سمعته هذه الأيام من الرفع من مستوى المناصحة لأولئك الذين دخلوا معترك أنا أفهم الدين بوجهة نظري دون غيري وهي عبارة أخذت بها الفئة الضالة وحاولت جرَّ الناشئة إليها بالمال والإقناع والتخطيط المدُّبر مع بعض الجهلة من بني جلدتنا.
أعود اليوم لأتساءل: هل مسار المناصحة يمضي في المسار المرسوم له، أم أن هناك مع الأسف من لا يريد النجاح لهذا البرنامج الإصلاحي؟ سأعطي نبذة عاجلة لأولئك الذين تغيب عنهم بعض الأهداف من إقامة هذا المرفق الحيوي الهام.
نعم، في حياتنا كلها عندما نريد أن نتعلَّم شيئا فبالطبع لا بد من التدرج في معرفة مراحل هذا الأمر حتى يكتب النجاح لنا من خلال الممارسة، وهذا ما يحدث في شأن الحياة كلها فالطفل الذي يدخل المدرسة، والشاب الذي يلتحق بمهنة عمل لا بد أن يُمضي فترة تعلم وتدريب وتصُقل مَعُارفُه وهواياتُه وينمو مع الحياة شيئا فشيئا.
كذلك جاء برنامج الأمير محمد بن نايف للمناصحة، وهو المركز الشهير الذي أفنى عمره لسنوات، نحكم عليه أنه لم يؤد نتائج بانتكاسة لفلان أو فلان من خريجي هذا المركز. الشأن في الحياة كلها عندما تأتي النتائج لا تكون 100%، بل النتائج درجات، وما استمرار هذا الأمر إلا دليل نجاحه، أما من حصل له انتكاسة أو عودة لمزاولة فهذا شيء مغروس في نفس ذلك الذي رجع، إما لحاجة في نفسه دخل من أجلها هذا المركز، أو أنه لم تنجح معه المناصحة لعدم فهم أبعادها وإصراره على أنه هو المحق وغيره على خطأ فلا يُعطي هذا مبررا أن يتحدث الناس بين فترة وأخرى ما الحاجة إلى مركز المناصحة؟
العجب من رَفعْ هذا الأمر في أوساط بعض المغرضين، وإلا فكيف نطلب تغيير منهج المركز أو طريقته أو المشرفين عليه بحجة مغادرة 1% أو 2% وعودتهم إلى مسارهم الضال.
لماذا لا يكون هؤلاء هم أساسا بيتوا النية لمعرفة من داخل هذه المراكز ودراسة وضعها ونقل التجربة إلى الآخرين في معسكرات الضلال؟ ولماذا لا نقول إن نفسيات هؤلاء مريضة أساسا لا تقبل كلاءً ولا ماءً طيبا يفيدهم في حياتهم حتى يعودوا أسوياء يفيدون أمتهم ومجتمعهم؟
العجب من سرعة الحكم على أمور ثبت نجاحها بحمد الله على مدار سنوات من خلال تصريحات من دخل هذه المراكز، ومن خلال المناهج، ومن خلال أعضاء المناصحة، وكيف كان تقييمهم وتجربتهم التي نقلت إلى بعض الدول.
أهذا يدل على ضعف التوجيه أم إنه لحاجة في نفس يعقوب؟ لماذا لا نقول إن من يحمل لواء التغيير في هذه المراكز هو أساسا يخاف من نجاحها المستمر، ونجاحها في الإصلاح وعطائها في بناء المستهدفين، وأقرت به بعض المؤسسات الأمنية العالمية فضلا عن المحلية والعربية؟.
العجب أن يأتي بعض من المثقفين لينادوا بتغيير سلوك المناصحة والبحث عن وسائل أخرى تصب في الغرض ذاته لكن بمعالجة أخرى، ما الذي يمنع أن يستمر هذا العطاء الأمني والاجتماعي والنفسي ويضاف إليه ما يفكر فيه هؤلاء النجباء المصلحون على حد تعبيرهم؟.
إن خطوات مركز المناصحة تباركها المشاهدات اليومية، وتباركها شهادات الأسر الذين خضع أبناؤهم للمرور فيها فترة من الزمن وتؤكد سلامة منهجها، والكمال لله، قد يكون المركز في حاجة إلى إضافة أعضاء غاب عن التخطيط المبكر، فلا يمنع من إضافتها اليوم، والذي لا يصح بالأمس قد يصح اليوم، وما لا يجوز غدا قد نجيزه اليوم لأجل استمرار سفينة الإصلاح الأمني في مركز محمد بن نايف للمناصحة.
هذه المؤسسة الاجتماعية والتربوية والأمنية التي أبرقت للعالم كله ثبات نجاحها رغم ما يثار بين الحين والآخر من انتكاسه هنا أو هناك. فالعبرة بالنتائج دوما، ولنتذكر دعوة شعيب عليه السلام إنْ أريدُ إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلى بالله.
حقق الله الآمال لهذه المنشأة، وهدى الله أهل الضلال والفكر المنحرف إلى جادة الصواب.