هنا، أكاشف وحسب، وأهدي العيوب، وليت عيوبي تُهدى إليّ بلغةٍ هادئة، لا تفسيق فيها، ولا تحريض، فنحن -الآن- في حاجة شديدة إلى المكاشفة، علنا نراجعنا، فلا نكرر أخطاءنا التي أفضت إلى انقسامات مجتمعية خطيرة، وقلق أمني أكثر خطورة. ولا أعني الانقسامات الفكرية واختلاف التوجهات، فطبيعة الفكر تستلزم التباين.
إليكم رسالة خامسة إلى أستاذي في المرحلة الثانوية:
(5) أستاذي الإخواني: أشهد الله، ثم خلقه، أنني مقر بما لك علي من أفضال، بوصفك معلمي المتمكن الذي حرضني على القراءة، وأشاد بي، وشجعني، وطلب من زملائي التكبير، عندما اكتشفْتُ أن مفعول أحد الأفعال، مصدر مؤول من أنْ والفعل المضارع، بيد أن في ذهني أسئلة حائرة كثيرة، أداتها الموحدة هي: لماذا؟.
- لماذا ظلمتني ظلما بيّنا في درجة أعمال الفصل في مادة: الحديث والثقافة الإسلامية، فمنحتني 11 من 15 درجة، على الرغم من أنني كنت طيلة الفصل الطالب الأوحد الذي كان يقرأ جهرا لك ولزملائه في الكتاب؛ لأن لغته سليمة، كما شهدْتَ له أنت، لكنك حرمتني من 4 درجات على الرغم من أنني حصلت على الدرجة الكاملة في الامتحانات الفصلية كلها.. هل كان عدم انضمامي إلى: جماعة التوعية الإسلامية، وتفضيلي لجماعة المسرح، سببا كافيا لخصم 4 درجات من أعمال الفصل في هذه المادة، وخصم 3 درجات في مادة التوحيد، ومثلها في مادة المطالعة؟
هذه الدرجات الضائعة ظلما، جعلتني أتراجع إلى المرتبة الثالثة على مستوى المنطقة الجنوبية، والثانية على مستوى منطقة عسير، في شهادة الثانوية العامة، فلماذا فعلْتَ ذلك؟ ولماذا منحت الطلاب المنضمين إلى الجماعة 14 درجة من 15؟ وهل تدرك حجم الألم الذي تسببت في حدوثه لي؟ وهل كان عدم اقتناعي بالانضمام إلى جماعتكم تقصيرا يستوجب خصم الدرجات؟
لقد أتيت إليكم في جماعة التوعية ذات فسحة، فلم أجد فائدة، إذ وجدتكم لا تزيدون على القراءة في كتاب: في ظلال القرآن لسيد قطب، وقد قرأتُ فيه من قبل، بعد أن وجدتُ المجلد منه بـ5 ريالات، في معرض للكتاب المستعمل، أقامته إحدى كليات المنطقة.
أستاذي الإخواني: بالمناسبة، لماذا درّستنا مادة المطالعة، وأنت معلم تربية إسلامية؟ ولماذا درّسَنا معلّم التربية الإسلامية الآخر مادة التّعبير؟
قد تكون الإجابة الظاهرة الحاضرة: كان هناك عجز في معلمي اللغة العربية، ولكنك استبدلْتَ كتاب المطالعة المقرر، بكتاب: جاهلية القرن العشرين، لمحمد قطب، فيما لم تستبدل الكتاب المقرر في مادة: الثقافة الإسلامية، الذي ألّفه د.مناع القطان، أو الكتاب المقرر في مادة: التوحيد، الذي ألّفه محمد قطب. ثم طلبتَ منا، في آخر العام، أن نعود فنذاكر الكتاب المقرر، بعد أن أمضينا الفصل الدراسي كله نقرأ في: جاهلية القرن العشرين!
أستاذي: سامحك الله، فقد طغت حزبيتك على أيسر أخلاقيات مهنتك.
لا أدري؛ هل أعود إلى سرد أحداث أكثر إيلاما وغرابة، أم لا؟ قد.. وقد لا...