تكمن مشكلتنا الكبرى مع نظرية الشيخ بندر حول دوران الأرض مع الاستقبال. هو يقول إن أرضنا.. وأكررررر أرضنا، وحدنا، لا تدور، وهو في كامل الحق عقلا ونقلا لأننا لا زلنا في المربع الصفر ببرهان كوب الماء الذي رفعه فضيلة الشيخ. كان فضيلة الشيخ بندر يريد أن يقول لخارطة عالمه الإسلامي إن السادسة صباحا تشبه السادسة مساء، وإن العام 736هـ لم يختلف أبداً عن العام 1436 للهجرة ذاتها. وأنا كمسلم مؤمن لست مطالبا بالإيمان والاعتقاد بالفلك والفيزياء والرياضيات، ولست محاسبا على تصديقي بها من عدمه يوم الحساب والعرض. لكن فضيلة الشيخ بندر أراد أن يختصر نظرية العلم بيمينه التي يرفع بها كوب الماء للدلالة على نفي دوران الأرض، ومن ثم يرفع بيساره طرف المشلح الذي كان يدور على كتفه. هو صادق في كل ما قال لأنه يتحدث عن خريطة ساكنة جامدة في قلب عالم متحول.
وحين يرفع الشيخ بندر كوب الماء للدلالة على جماد أرضه وعالمه فقد لا يعلم ما يلي: قد لا يعلم فضيلة الشيخ بندر أن الغرب الذي تحدث عن علمه بتهكم وسخرية هو نفسه الغرب الذي أعطى جائزة نوبل لعالم مسلم استطاع تقسيم الثانية الواحدة إلى مليون جزء لدراسة التفاعلات الكيميائية والفيزيائية، بينما لا زال فضيلة الشيخ بندر يسبح لألف عام في الماء ذاته والمسبح وذاته. هو الغرب نفسه الذي يصنع في اليوم الواحد أربع طائرات جديدة وثلاثين ألف سيارة جديدة، وهو الغرب ذاته الذي ينتج براءة اختراع جديدة كل أربع دقائق من الزمن، وهو الزمن ذاته الذي استغرقه فضيلة الشيخ بندر لرفع الماء بيساره ورفع المشلح بيمينه للدلالة على انتفاء دوران الأرض.
هو الغرب ذاته الذي اخترع حبوب البنادول والأنسولين والبنسلين، مثلما هو الغرب ذاته الذي اخترع إبرة التخدير كي يكون الدماغ البشري تحت مشرط الطبيب لعشر ساعات، يستأصل فيه ما يشاء ويترك ما يشاء، يا فضيلة الشيخ بندر، خلاصة القول يا فضيلة الشيخ بندر الخيبري، أن العالم من حولنا بات يسبقنا بألف سنة ضوئية ولا زلت تقنعنا بأن الأرض جامدة ساكنة.
خلاصة القول يا شيخنا البندر أنك جعلت من خريطتنا نكتة وظرفة وأنت تتحدث من فوق طاولة صنعت في الصين وأمام ميكرفون سيمينز الألماني وخلف كاميرا يابانية. نعم يا شيخ بندر هذه الأرض لا تدور ولا تجري بدليل حقائق خريطة عالمك الخاص يا فضيلة الشيخ!