لو كنت منتجا تلفزيونيا لقمت بعمل فيلم سينمائي يصور سنة 1327هـ، أو ما تعرف شعبيا بـسنة الجوع!
كانت تلك السنة من أشد سنوات الجوع والجفاف التي مرت بها هذه المنطقة من العالم. ألقت الظروف ظلالها على هذه المنطقة، لم يكن هناك ما يُباع وما يُشترى، أوجعت تلك السنة الناس -على حد سواء- الأغنياء والفقراء، وتروي المواقع كيف أن الملك عبد العزيز -رحمه الله- كانت له مواقف مشهودة تلك السنة، قبل أن تتوحد بلادنا.
شاهدت قبل فترة يوتيوب مختصرا -ركيك للأسف- يتحدث عن تلك السنة على لسان كبار في السن ينقلون ما سمعوه عنها من آبائهم وأمهاتهم.. لا يمكن لك أن تتخيل ما حدث في تلك السنة.. كان الناس يموتون في الطرقات من الجوع.. الأطفال يطرقون الأبواب بحثا عن الحياة، لا يُفتح لهم، يتساقطون صرعى عندها.. هل يمكن لك أن تتخيل أن الناس في نجد تحولوا -أو كادوا- إلى أكلة لحوم بشرية؟! هل يمكن لك أن تتخيل أنهم أكلوا الكلاب من الجوع!
يروي أحدهم أثناء الفرار تلك السنة نحو بلاد العراق والشام حيث الماء والخضرة والأمن والأمان، يقول إنهم كانوا ثلاثة وأتت إليهم سيدة بابنها، ووضعته في ذمته، وحينما مضت عليهم ليلتان في الطريق، كادوا أن يهلكوا، فأخبروه أنهم سيأكلون هذا الفتى -يموت هو ولا نموت نحن!- وقبل أن يهموا بفعلتهم عثروا على مجموعة من الكلاب فأكلوها ونجا الطفل! حينما تتأمل اليوم مناسبات البذخ والاستعراض والزواجات والحفلات والفشخرة، وما يُلقى في النفايات من أطعمة، تذكر أن الناس كانوا يتقاتلون ويذبح بعضهم بعضا بحثا عنها في سنة ليست بالبعيدة في مقاييس الزمن.
تلك السنة يجب أن تحضر في ذاكرتك على الدوام وأن تستشعر نعمة الله عليك وعلى وطنك. عد إلى الوراء واقرأ، وتأمل، كيف عاش الناس قبل مائة عام؟ وكيف تعيش أنت اليوم؟
الحديث طويل، ولو كتبت عشر حلقات لن ينتهي، لكن المادة الصحفية عندما تكون مجسّدة أحيانا تكون أكثر وضوحا، وأجدى أثرا وتأثيرا. من هنا أناشد وزير الثقافة والإعلام الجديد ورئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون ، أن يعملا على إنتاج فيلم عن تلك السنة المظلمة. أعتقد أننا سنكون أمام عمل استثنائي.