أبها: الوطن

كانت محافظات منطقة الرياض والمراكز الحضرية الكبرى والصغرى في بؤرة الفكر التنموي الذي أسسه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في منطقة الرياض عندما كان أميرا لها، وعمل على توطين مناهجه ومخرجاته في جميع محافظات المنطقة تحت شعار التنمية المتوازنة والمستدامة.
ومن أهم السمات التي بنيت عليها هذه الفلسفة التي ظل الملك سلمان يؤكد عليها في جميع لقاءاته مع نخب المحافظات وأعيانها من الشيوخ والعلماء ورجال الأعمال والمهنيين والأكاديميين ومع أبنائه وبناته من الأجيال الجديدة، هي أن تكون هذه المحافظات بمنزلة الحدائق الخلفية الخضراء والجاذبة لسكان مدينة الرياض، فهو كان يريد لها دائما أن تكبر وتتوسع وتحافظ على تميزها ومذاقها ومزاجها وإيقاعها دون أن تتأثر كثيرا بالأعراض الجانبية لحركة النمو المدني والعمراني المنشود، كما كان يريد لها أن تكون جاذبة ومحافظة على رباطها الوثيق مع أبنائها وأسرها التي هاجرت منها إلى مدينة الرياض أو المدن الكبرى الأخرى في المملكة.. ليس فقط الرباط العاطفي الذي قد يزول تدريجيا مع تقادم الأجيال وإنما رباط منتج تسنده العوامل الموضوعية الدائمة الأخرى مثل إقامة المشاريع والمصالح الخاصة بكل أنواعها التجارية والاستثمارية والخدمية والتعليمية والصحية وكل عناصر الحداثة المادية الأخرى.
وقامت هذه الفلسفة التي عمل الملك سلمان، يحفظه الله، على تذكيتها في المجتمع الأهلي والتنفيذي على إبراز الميزات النسبية لكل محافظة ودعوة أبناء كل محافظة من رجال الأعمال إلى إقامة جزء من أنشطتهم التجارية فيها لتكون عاملا مساعدا لجذب الاستثمارات الأخرى، كما كان يؤكد دائما على القيادات التنفيذية المركزية والوزارات على أهمية وجود فروع خدمية في المحافظات، وكان يبادر بالاستجابة مع كل بادرة تنبع من أبناء المحافظات أو جهد فردي أو جماعي في إطار تطلعهم المشروع إلى تطوير محافظاتهم، إذ كان يؤكد لهم أن الدولة راغبة وحريصة على أن تكون التنمية متوازنة بين المراكز والأطراف.. بحيث تفضل أن تذهب المدينة إلى الريف والأطراف بدلا من انتقال الأطراف إلى المدينة، لأن مثل هذه الهجرة التي تحركها عناصر التنمية والخدمات غير المتوازنة تقود إلى إرباك الخدمات والإخلال بالتنمية المتوازنة ومن ثم التسبب في تعرية الأطراف من السكان وإحداث التضخم السكاني المربك في المدن.