الرسوم الباهظة التي فرضتها المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني على الراغبين في إكمال دراستهم للحصول على البكالوريوس عبر المسار الذي أسمته بالموازي ستكون معقولة ومقبولة لو أنها قررت كرسوم رمزية أو حتى شبه رمزية بمقدور أي طالب دفعها. رسوم دراسية تراعي ظروف الطلاب الاقتصادية وعجز أسرهم عن توفيرها لفقرهم أو قلة حيلتهم لكن أن تصل إلى رقم لا يمكن التصديق به وأقرب ما يكون إلى الخيال فهذا ما لا يمكن قبوله مهما كانت مبررات المؤسسة. قد تكون حجة المؤسسة أنه لا توجد ميزانيات ولا دعم لهذا المسار وأنها تصرف مرتبات أعضاء هيئة التدريس وبقية التكاليف التشغيلية مما تحصل عليه من جيوب الطلاب الفقراء والتي يملؤونها من الديون الشخصية والبنكية وما يترتب عليها من فوائد مضاعفة. لكن هناك ما يدحض هذه الحجة فالدولة بحمد الله قوية وغنية ولا تبخل على أبنائها بشيء لكن هؤلاء الأبناء كثيرا ما يقعون ضحية لتخبطات من وضعت الدولة فيهم ثقتها وحملتهم المسؤولية فيسعون لإثبات وجودهم حتى ولو كان على حساب المواطن الذي أنهكته ظروف الحياة الصعبة ولكي يتحدث الإعلام عن إنجازات ليس لها رصيد على أرض الواقع وكان الأجدى التريث ورفع الأمر للقيادة العليا للحصول على الميزانيات الكافية. حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها المقال ما زلت أبحث عن إجابات شافية لبعض المعلومات المدونة في رسالة الأخ محمد والتي وردت إلى بريدي الإلكتروني وأحتفظ بها كاملة. الرسالة طويلة وتفيض بالألم وتنزف بالحسرة وتتوشح بالخوف من قرب اغتيال حلمه الذي بذل المستحيل من أجله وما زال يبذله كثير من زملائه في ذات المسار في الكلية التقنية بالرياض. صدر محمد رسالته بهذه العبارة تكفى تكفى تقرأ كلامي والله يوفقك دنيا وآخرة وتوصل صوتنا وأقسم محمد بالله إن إجمالي الرسوم المقررة على الطالب حتى يحصل على البكالوريوس تسعون ألف ريال يدفع في كل فصل دراسي اثني عشر ألف ريال. محمد يؤكد أن عجزه عن توفير الرسوم يعني موت حلمه إلى الأبد. مبلغ خيالي دون شك لكن هل ستقدم المؤسسة المقابل الثمين للطالب فتضع المؤهل النادر في يده اليمنى والوظيفة في يده اليسرى وبالتالي تعوضه عن سنوات الدفع والكد أم أنها ستحوله كما حولت غيره إلى رقم إضافي في قائمة البطالة الطويلة.