الأسبوع المنصرم غرة هذا الشهر كان الرياضيون في العالم على موعد مباراة السوبر بول، نهائي كرة القدم الأميركية، ونحن ـ في العالم العربي ـ لا نهتم بهذه الرياضة، ولا نعرف الكثير عنها، لكن دائما ما يلفت انتباهنا سعر الإعلان التلفزيوني في هذه المباراة، إذ يصل إلى أرقام من الصعب علينا في صناعة الإعلام العربي أن نستوعبها.
فسعر الثلاثين ثانية للإعلان -هذه السنة- بلغ نحو 17 مليون ريال، متجاوزا كل الأرقام القياسية السابقة، وحصدت القنوات الناقلة للحدث أكثر من 15 مليار ريال في ليلة واحدة، وهذا الرقم -بلا شك- يفوق الإنفاق الإعلاني في الوطن العربي بقنواته التي تجاوزت الألف، وإذاعاته، وصحفه، وإعلاناته الإلكترونية طوال عام! ومع ذلك يطالب المنظرون قنواتنا العربية أن ترقى إلى مستوى القنوات العالمية، وأن تقدم إنتاجا يوازي ذلك الذي يقدمونه، فكيف؟ ومن أين؟ والتلفزيون -باستثناء القنوات الحكومية- يعتمد في تمويله على الإعلان!
لقد استفاد المعلنون من التلفزيون خلال العقود الماضية أكثر مما استفاده التلفزيون بكثير، وصمدت الأسماء التجارية الكبيرة في عالمنا العربي بسبب هذه الإعلانات أمام المنافسة الشرسة من منتجات ربما كانت تفوقها جودة، ولكن لا تعرف قيمة الإعلان وأهميته.
أما المؤسسات غير الربحية التي يفترض أن تكون رافدا مهما للإعلان فأكثرها -للأسف- يجهل قيمة هذه الوسيلة الفعالة في التوعية والتثقيف والتنمية المستدامة، بينما القنوات التلفزيونية تترنح بين فترة وأخرى تحت وطأة المصروفات والأجور وإحلال الأجهزة، وتتنازل يوما بعد آخر عن الجودة والمواهب الكبيرة في سبيل الصمود أمام الشح الإعلاني.