في نقاش عابر مع أحد المسؤولين عن قطاع ما من قطاعات الثقافة في المملكة، كان السؤال المباشر الذي وجهته له: هل صحيح ما يقال إن هناك حربا خفية ضد أي فعل ثقافي حضاري، مما جعل الثقافة خارج إطار الخطط التنموية؟ رد عليّ قائلا: إن أردت الحقيقة فإنني أقولها وأنا مسؤول عما أقول.. لا والله، لا شيء ظهر لي بشكل واضح في هذا الجانب، فلم ألحظ طوال فترة عملي في هذا المجال ما يمكن وصفه بعرقلة حقيقية من أي تيار سواء كان دينيا أو اجتماعيا لأي دعم للفعل الثقافي.. صحيح تظهر أحيانا انتقادات هنا أو هناك، وقد تصل إلى هجوم مباشر، خصوصا على بعض النشاطات الأدبية أو الفنية، لكنها لا تتعدى ذلك.
فقلت له إذن: أين المشكلة الحقيقية التي تقف في وجه دعم وتطوير العمل الثقافي؟ قال: لنكن صادقين مع أنفسنا، هناك خلل إداري كبير في جميع قطاعات وزارة الثقافة والإعلام، يتمثل في اللامبالاة والتكاسل في المتابعة والضغط والمطالبة بحقوق المثقفين والأدباء، وحتى شق الوزارة الآخر الإعلامي يعاني المشكلة ذاتها، وقد يكون وضعه أسوأ. (انتهى كلام هذا المسؤول).
وما دام الأمر كذلك فإن الحل بالتأكيد هو في متناول الوزير الشاب الدكتور عادل الطريفي. وهو للحق، أكثر وزير سابق وحالي، له علاقة مباشرة بالثقافة والإعلام، فقبل أن يكون إعلاميا هو كاتب ومحلل له وزنه وحضوره، ثم إنه من عاش وسط معمعة الإعلام العصري بجميع أشكاله. ولذلك فالمطلوب والمأمول منه الكثير، أعانه الله. ولعل أول ما يمكن أن ينظر له بجدية، هو الجانب الإداري المتكلس في أنماط بيروقراطية عتيقة، لم تعد تناسب الفعل الثقافي والإعلامي، وقد يتطلب علاج ذلك تجديد الدماء، وهو أقرب الحلول في نظري. فالمشكلة الدائمة في جميع القطاعات التي تراوح مكانها تبدأ من الصفين الثاني والثالث. فوزارة مثل الثقافة والإعلام ليست وزارة معاملات يومية، قد لا تنجز إلا بعد أشهر بسبب كسل موظف، بل تحتاج إلى طواقم تعشق الفعل الثقافي الجاد، وترى أن الإعلام موهبة وإبداع قبل أن يكون وظيفة جامدة.
وأكاد أجزم أنه إذا لم يتم تغيير الوجه الثقافي والإعلامي لوطننا الكبير بمكانته العالمية والدينية في زمن الطريفي فإنه لن تكون هناك نقلة كبيرة في أي مرحلة لاحقة. أقول هذا ليس مجاملة أو تزلفا للطريفي أو غيره، لكن لأنه ضمن حكومة جديدة مدعومة بشكل كبير من القيادة العليا. ولو قدم خطة عمل قابلة للتنفيذ، ومبنية على الواقع الميداني، ومبتعدة عن التنظير الممل، لوجد دعما كاملا ماديا ومعنويا، وللمسنا النتائج بشكل أسرع مما نتوقع.
alamer@alwatan.com.sa