يحيى الأحمد

أُغرق مسار التعليم العام في مناكفات عديمة الجدوى بين تيارات محافظة وأخرى تخالفها الرأي بمسميات واصطلاحات متعددة لم أعد ألقي بالاً لها! مبتعدين تماماً عما ينبغي أن يكون عليه المسار الحقيقي للتعليم العام، الذي يأخذ أطفالنا أثمن ما نملك من مهد الطفولة بجنسيهم ولا يطلقهم إلا على عتبات التعليم العالي وقد اشتد عودهم في الحياة وعلا كعبهم في المعارف والعلوم لينخرطوا بعد ذلك في التعليم العالي، مواصلين هذه المسيرة التعليمية في آفاق أرحب وتخصصات أدق أو يلتحقوا بركب الحياة العملية حيث أصبحوا يمتلكون من الأدوات ما يؤهلهم لذلك؛ إلا أنهم ابتلوا بهؤلاء الذين أقلقوا أذهانهم وأزعجوهم بصخبهم العديم الفائدة حتى لفتوا الانتباه عما ينبغي أن يكون عليه!، فبدلا من أن نهتم بقدسية بيئة التعليم واحترامها وعدم القبول بالحدود الدنيا في مخرجاتها وأدواتها من المبنى إلى المنهج وصولاً إلى الوسيلة والمعلم فالمنتج النهائي، حيث نبذل الغالي والنفيس لتطوير ما سبق، فهذا هو الضمان الحقيقي بعد الله للنهضة الحقيقية لوطنهم وأمتهم، أدخلوه في قضايا جدلية لا متناهية حتى بتنا نرى ولشديد الأسف المعلم المؤتمن على الأطفال الصغار حديثي العهد بأحضان أمهاتهم يصورهم وهم في أوضاع غاية في البراءة كالنوم أو البكاء أو الجهل والخطأ الطفولي البريء لينشرها في مواقع التواصل الاجتماعي كمادة فكاهية قد تعقد الطفل مستقبلاً، ونرى المعلمات الفاضلات والمربيات لبناتنا حراس الفضيلة تُتَداول مقاطع فيديو لهن في غرفة المدرسات وصخب الأغاني يملأ أركان الغرفة وهن يرقصن على وقع تلك الأغنيات وكأنهن في صالة أفراح و.. و.. حدث ولا حرج ثم ننتقد طالبة أو طالبا جاهلا قاصرا اعتدى على معلمه، قد تكون تعاني أو يعاني من مشكلة نفسية أو اجتماعية لم يجد لها حلا عند الأخصائيين النفسيين في المدرسة! فتجاوز الأدب مع المعلمين من قبيل التنفيس عن براكينه الداخلية لأنه لم يجد من يحتويه ويقوم مساره.
فهل نشهِّر بهذا القاصر أو هذه القاصرة أو نعاقبه ونغفل عن موبقات ما سبق من المعلمين والمعلمات القدوة!! إن كان كذلك فالعقل يقول إن الطلاب القاصرين هم الذين إذا رقصوا فلا تثريب عليهم لأنهم لا يزالون في طور التقويم! مع العلم أنني هنا -لا وألف لا- لا أسوغ لإساءة الأدب مع من علمنا حرفا واحدا وكان جديرا بالاحترام لا كما سبق!!.
عزاؤنا في ذلك أن يكون على رأس الهرم الإداري للتعليم العام رجل دولة فعلا الأمير خالد الفيصل، فهو ملهم من طراز إداري ممتاز، يمتلك سيرة تؤهله لأن يكون الوحيد في الساحة القادر على أن يمخر بسفينة التعليم هذا العباب ويجتاز بها تحديات المرحلة التي أخرجت لنا هذه الحالات من المعلمين والمعلمات، ويصل بها إلى ما يطمح ولاة الأمر وما يحلمون به من خلال صرفهم الميزانيات العملاقة على هذا المجال المهم.