جدة: نجلاء الحربي

صكوك ملكية الأراضي محصنة بالقواعد الشرعية والتعليمات الإدارية المبلغة للجهات المعنية

كثر الحديث عن قضايا صكوك الأراضي العقارية، ومشروعيتها وأنواعها والفرق بينها وبين الوثائق والمكاتبات الأخرى مثل حجج الاستحكام، والمنح، وغيرها من الأوراق الرسمية الأخرى التي تثبت ملكية الأراضي والمنازل وما يترتب عليها سواء في حالة البناء أو البيع أو التأجير أو غير ذلك، ومتى وكيف يمكن الطعن فيها، وكيف يتم تعويض المتضررين.
صكوك محصنة
يرى رئيس كتابة العدل الأولى بمحافظة جدة مساعد الأمين العام لمجلس القضاء الأعلى سابقا الشيخ عوض القرني أن لفظ صكوك يشمل الصكوك الصادرة من المحاكم الشرعية أو كتابة العدل، كذلك هناك صكوك حجج الاستحكام التي تثبت ملكية الأشخاص لعقار ما وتكون صادرة من محكمة شرعية إلى جانب صكوك المنح التي تطلق على الصكوك الصادرة من كتابة العدل، ولا يجوز إلغاء الصكوك سواء كانت حجج استحكام، أو صكوك منح، أو صكوك إفراغات إلا بحكم قضائي، موضحا أن صكوك ملكية الأراضي نجدها محصنة أصلا بالقواعد الشرعية والتعليمات الإدارية المبلغة للجهات المعنية، لا سيما ما يخص الأراضي المشتراة من الجهات الحكومية، أو الأراضي الممنوحة من الدولة.
وأضاف لا يجوز الطعن في صكوكها إلا بشبهة التزوير، ولا يجوز إيقافها أو إلغاؤها إلا بحكم قضائي، فعلي سبيل المثال في مدينة جدة هناك عدد من الأشخاص الذين قاموا بشراء صكوك أراض شرعية من عين العزيزية وصادرة من الجهات القضائية والجهات التوثيقية المخولة بذلك/ فهذه الصكوك لا يمكن إلغاؤها أو شطبها لأنها صكوك شرعية رسمية، أما الصكوك الصادرة بعد منع العين العزيزية من البيع فمردها إلى ولي الأمر إن شاء أجازها وإن شاء ألغاها، إلا إذا تعلقت بها حقوق للآخرين فإن مرد النظر فيها إلى القضاء.
ديوان المظالم
وحول من الذي يتحمل الأخطاء التي ترد في الصكوك أو ما يترتب عليها خصوصا من جانب الموظفين ذوي العلاقة بالتوثيق أو التخطيط أو الترخيص لهذه الأراضي، وما الجهة المخولة بنظر هذه المخالفات، قال عوض القرني: إن الجهة المخولة بالنظر في مثل هذه المخالفات والأخطاء التي يتسبب فيها موظف والجهات الحكومية سواء ذات العلاقة بالتوثيق أو التخطيط أو الترخيص هي القضاء الإداري ديوان المظالم.
وبشأن ما يترتب على وضع ملكية المشتري الأخير لقطع أراض من مساحات الصكوك الملغاة أو الموقوفة، أي حماية وحفظ حقوق المواطن الذي قام ببناء منزل على هذه الأراضي، أوضح القرني أنه ما دام أن الصكوك الملغاة أو الموقوفة صادرة عن جهات شرعية ولم تكن مزورة في الأصل، بل تشوبها مخالفات نظامية وقد تداولتها الأيدي بالبيع والشراء، فالحل في مثل هذه الحالة يكون عن طريق تشكيل لجنة من الجهات المتخصصة للنظر في الموضوع من جميع جوانبه وحفظ الحقوق لأصحابها، حتى لو تطلب الأمر الرفع إلى ولي الأمر لإجازة تلك الصكوك، نظرا إلى ما يتعلق بحقوق الآخرين الذين ليس لهم يد في ما حصل فيها من مخالفات.
وحول شكوى بعض المطورين والملاك في سوق العقار من البطء في إجراءات التقاضي قال القرني: إن قضايا العقار متشعبة وقد تكون معقدة أيضا وتحتاج إلى استقصاء وربما يكون هناك تأخير فيما مضى بسبب كثرة القضايا في المحاكم وقلة القضاة، أما الآن فالواضح أن الأوضاع تحسنت أو في طريقها للتحسن بسبب زيادة القضاة والاستفادة من وسائل التكنولوجيا الحديثة.
وفيما يخص اقتراح بتشكيل لجنة مشتركة من وزارة الإسكان، الأمانات، وزارة العدل، البنوك التجارية، وشركات العقار لبحث مشكلات قطاع العقار في المملكة والرفع بها إلى الجهات المعنية، وصف عوض القرني هذا الاقتراح بأنه رأي وجيه إذ إن المعوقات كثيرة وأهمها قلة الأراضي المخططة والمرفقة بالخدمات الضرورية، وأنه يرى من الضروري بذل الجهد من الجهات المتخصصة ومن ملاك الأراضي الكبيرة للتسريع في تخطيطها وإيصال الخدمات الضرورية إليها.
حالات فردية
وفيما يتعلق باتهام البعض لكتابات العدل بتطبيق الصكوك والمنح وتكرارها، تحفظ القرني على ذلك، قائلا هذا كلام مرسل ويحتاج إلى دليل، وتابع قد يكون حدث بعض الأخطاء من بعض كتاب العدل وممن ساعدهم على ذلك، ولكنها لم تصل إلى حد الظاهرة، بل حالات فردية، أما مسألة تكرير الصكوك على أرض واحدة فتشترك فيها جهات عدة منها البلديات، والمحاكم الشرعية، وأصحاب المخططات، إضافة إلى إدارة كتابة العدل، ويمكن حل هذه المعضلة بالتنسيق التام بين البلديات والمحاكم الشرعية وكتابة العدل وإخراج السجل العقاري إلى حيز الوجود وسرعة تطبيق تعليماته على الصكوك.
وفي شأن ما يتردد حول أن هناك من يعتقد أن كثيرا من صكوك العقار مزورة أو مكررة، قال عوض القرني: هذا اعتقاد في غير محله، فلم تبلغ صكوك العقار المزورة أو المكررة إلى حالة ظاهرة أو إلى هذا المستوى المبالغ فيه، بل حالات فردية وقليلة، فنسبة الصكوك غير الصحيحة قليلة جدا، ولكن نظرا إلى كون الصك الواحد للمساحات الكبيرة تتفرع عنه صكوك عدة، فإذا ظهر عليه ما يستوجب إيقافه أو إلغاؤه وما تفرع عنه أصبح في أعين العقاريين شيء كبير والأصل أنه صك واحد.
وفيما يتعلق بكيفية تسهيل إجراءات الإفراغ وتسجيل الصكوك وضمان عدم تكرارها أو تطبيقها، أوضح القرني أن إجراءات الإفراغ وتسجيل الصكوك أصبحت عن طريق الحاسب الآلي في المدن الرئيسة وكثير من المحافظات الأخرى، وهذا سيسهم في ضبط عملية الإفراغ، مع ضرورة مطالبة من الجهات المتخصصة مثل البلديات ووزارة العدل بوضع آلية دقيقة تحول دون تكرار الصكوك والمتابعة الدقيقة من الجهات المتخصصة.
ضريبة الأراضي
وبخصوص تأثير فرض رسوم على الأراضي الفضاء داخل المدن وجدواها، وهل ستكون دافعا للاستثمار العقاري ومن ثم طرح مزيد من الوحدات السكنية، ذكر عوض القرني أن فرض الضريبة على الأراضي الفضاء داخل المدن أو خارجها يحتاج إلى فتوى شرعية من حيث الجواز أو عدمه، ثانيا في حالة فرضها على الأراضي لا أرى أنها ستكون دافعا للاستثمار وتوفير وحدات سكنية بحد ذاتها، بل ستضيف أعباء على المشترين ما يتسبب في ارتفاع الأسعار، وتابع وأرى أن الذي سيكون دافعا للاستثمار وتوفير وحدات سكنية جديدة هو إلزام أصحاب الأراضي بتخطيطها وتطويرها، وإلزام الجهات المتخصصة بإيصال الخدمات إليها، وحث رجال الأعمال والمستثمرين على الاستثمار في هذا المجال، فالمواطنون يثقون في الاستثمار العقاري، وسيكون هناك إقبال من المواطنين على دخول سوق العقار بيعا وشراء وتطويرا أو ما إلى ذلك.
وضع اليد
من جانبه، تحدث المستشار القانوني محمد سراوق حول الفرق بين حجة الاستحكام والصك، وقال في هذا الصدد إن حجة الاستحكام في التعريف القانوني طلب صك بإثبات تملك عقار في غير مواجهة خصم ابتداء، والأساس الشرعي لها هو الإحياء الشرعي أو وضع اليد، وهي أداة من الأدوات التي يستند إليها من يقوم بإحياء أرض ميتة، والإحياء يكون عن طريق التملك وهذا ما تقره الشريعة الإسلامية، وعليه فإن وضع اليد أو الإحياء الشرعي يكون ضمن التنظيمات التي يقررها ولي الأمر للعمل بها من أجل تنظيم التعاملات.
وحول الصكوك الصادرة عن كتابات العدل قال سراوق: الصكوك الصادرة من كتابات العدل لها قوة الإثبات، فمنذ صدور نظام كتاب العدل بموجب الأمر السامي الكريم رقم 11083 بتاريخ 19/8/1364، والنصوص تؤكد قوة الإثبات وصحة المعلومات فيما يدونه كاتب العدل في تلك الصكوك، فقد نص الأمر السامي على أن الأوراق والسندات المالية والوكالات والوصايا وسندات العقود وعموم الوثائق التي تعطي وتنظم من قبل كاتب العدل في المملكة موثوقة ومعمول بها لدى عموم المحاكم الشرعية.
تقسيم
من جهته، يرى رئيس مجلس إدارة شركة الخرسانة المتطورة والإنشاءات عوض الحمدي أنه من المفيد والضروري إنشاء قسم هندسي في كل محافظة يضع كامل المحافظة على مربعات مساحية لتحديد المساحات المختلف عليها ويتم التعامل معها، إما بالتسوية أو استقطاع جزء منها لمصلحة أملاك الدولة والبقية تعود إلى أصحاب الصكوك ويتم بموجب ذلك مصالحات، كما حدث في منطقة قيران وتم إبراء الذمم، وبذلك يتم تصحيح الأوضاع بالنسبة إلى الصكوك المختلف عليها، أما بالنسبة إلى لصكوك السليمة فيجب عدم توقيفها وسرعة البت فيها حتى تتوافر المساحات اللازمة لسوق العقار في جدة وغيرها من المدن الكبرى في المملكة.
على الصعيد نفسه، يرى العقاري سليمان الخليوي ضرورة محاسبة الموظف الحكومي الذي يخطئ في الصكوك والمعاملات العقارية الرسمية، وعلى الجهة التي يعمل بها هذا الموظف المخطئ أن تتحمل المسؤولية، وفيما يتعلق بالأراضي التي تشوبها شبهات غير قانونية أن تؤول إلى وزارة الإسكان ويتم طرحها في مزادات علنية، مختتما بأن في المملكة الحقوق محفوظة لأصحابها ولا يُضار أي مالك أو مستثمر، لكن ما نريده هو قيام الأجهزة المعنية بدورها وهذا ما تحث عليه الدولة وتتضمنه جميع الأوامر السامية الكريمة التي تراعي مصلحة المواطن أولا وأخيرا.