موافقة سامية تعيد استخدام المدفع الصوتي بالمدينة في شهر رمضان
بعد 23 عاما من غياب مدفع رمضان الذي اعتاد أهالي المدينة المنورة سماع صوته وارتبطوا به وجدانيا بمواقف وعواطف وأناشيد وأسمار وأفراح ويطربون لصداه عندما يصدح إيذانا للصائمين بالإفطار، صدرت موافقة المقام السامي بإعادة استخدام المدفع الصوتي في المدينة المنورة بدءاً من شهر رمضان المبارك للعام 1436.
وذلك لما يملكه المدفع الصوتي من إرث تاريخي تناقلته الأجيال في المدينة المنورة جيلا بعد جيل، وجاءت الموافقة الكريمة في ضوء ما رفع عنه وزير الداخلية ا?مير محمد بن نايف بناء على ما رفعه أمير منطقة المدينة المنورة الأمير فيصل بن سلمان بشأن رغبة أهالي المدينة المنورة بإعادة استخدام المدفع الصوتي في المدينة المنورة خلال شهر رمضان المبارك أسوة باستمرار استخدامه في منطقة مكة المكرمة.
وجاءت موافقة المقام السامي تحقيقا لآمال وتطلعات أهالي المدينة وحرصا واهتماما من أمير المنطقة بالتراث والموروث المديني الذي تحتضنه طيبة الطيبة، ودعما للاستمرار الذي اكتسبته المدينة المنورة عبر التاريخ.
ومن خلال الموافقة الكريمة فإن المدفع الصوتي سوف يعاد استخدامه مرة أخرى في المدينة المنورة خلال شهر رمضان المبارك، وبعودته يسترجع الأهالي الإرث التاريخي الكبير الذي كان يمثله لهم المدفع الصوتي، الذي ارتبط بالشهر الكريم وأول أيام عيد الفطر السعيد، حيث يتم من خلاله إعلان دخول شهر رمضان المبارك.
في المقابل ثمن الباحث في تاريخ المدينة المنورة الدكتور تنيضيب الفايدي الموافقة الكريمة على إعادة استخدام المدفع الصوتي، حيث تعاد من خلاله الذكريات الجميلة التي ارتبطت تاريخياً به، الذي كان مصدرا مهما في إدخال الفرح والسرور على قلوب أهالي المدينة المنورة لما يحمله صوته من خبر ينتظره الجميع، وأضاف أن المدفع الصوتي كان مظهراً أساساً من مظاهر شهر الخير، وليلة اليوم الأول من عيد الفطر، وأوضح الفايدي أن المدفع الصوتي رمز من الرموز التي عاصرتها الأجيال في المدينة المنورة بمختلف العصور، وأن إعادته هي إعادة للحمة اجتماعية كان يشترك في سماعها جميع أهالي المدينة المنورة في مختلف الأرجاء، حيث ارتبط بإعلان الفرح وإعادة الذكريات.
وتابع الفايدي أن أهالي المدينة يشعرون بمتعة حقيقة عندما كانوا يحرصون على الوجود في ساحات المسجد النبوي الشريف يصطحبون معهم أبناءهم وينتظرون سماع صوت المدفع.
وأشار إلى أن المدفع الصوتي في المدينة ارتبط تاريخيا بشهر رمضان منذ مئات السنين وعند توقفه خلال الفترة الماضية افتقد الكثير من أهالي المدينة سماع صداه.
وذكر أن إعلان الافطار في أيام شهر رمضان كان يتم عن طريق طلقة واحدة وكذلك إعلان وقت السحور، والطلقات المتتالية تعود بعد ذلك لليلة اليوم الأول من عيد الفطر وكذلك بعد صلاة العيد التي تكون هي اختتام أصواته.
بدوره أوضح الباحث بتاريخ المدينة عدنان بن عيسى العمري أن مدفع رمضان من العادات المصرية التي انتقلت للحجاز إبان القرن الرابع عشر بسبب تردد كثير من العائلات والأسر المصرية للحجاز.
وعن بداية دخول المدفع الذي صنع للمواجهات في الحروب لطقوس الشهر الفضيل يقول العمري، إن بدايته عندما قرر والي مصر خوشقدم أن يجرب مدفعا جديداً أهدي إليه من قبل أحد الولاة وصادف انطلاق صوت المدفع مع أذان أول يوم من رمضان مما دفع أهالي وشيوخ سكان مدينة القاهرة إلى القدوم لوالي مصر خوشقدم وتهنئته بالطريقة الجديدة التي استحدثها للإعلان عن موعد إفطار الصائمين فاستحسن ترحيبهم ورفعه لجبل (المقطم) بالقاهرة ليسمعه جميع من فيها، ومن ذلك الوقت دخل المدفع في طقوس الشهر الفضيل.