العلاقة بين معظم دول الخليج وإيران لا يمكن وصفها إلا بأنها علاقة تشكك وريبة وفقدان أبسط مكونات الثقة، رغم كل العبارات الدبلوماسية التي نسمعها بين الحين والآخر من ذلك المسؤول أو ذاك، فإيران اليوم تلعب لعبة السياسة بشكل تجاوزت فيه كل الحدود الدبلوماسية لتدخل بقصد في حرب هيمنة لم تعد باردة مع جيرانها الخليجيين.
طهران تمول منذ سنوات الماكينة الحربية الطائفية في كل من لبنان والعراق واليمن، إضافة إلى المعارضة في البحرين، كما أنها تحتل جزرا إماراتية وتنشط بشكل لافت في تصدير المذهبية الاثني عشرية لدول عربية سنية عدة بما فيها مصر، إلى جانب تحريك ماكينتها الإعلامية داخل إيران وخارجها لقلب الحقائق وخلق الأكاذيب من أجل زرع الفتن بين أبناء الوطن الواحد، تماما كما يحاولون فعله في تغطيتهم المؤدلجة لمواجهات القوى الأمنية في بلادنا مع الفئة الضالة في العوامية.
دول الخليج وحتى هذا اليوم ما زال بعضها وإن كان يؤمن إيمانا مطلقا بأن مصيره مرتبط بمصير بقية دول الخليج إلا أنه ما زال مستمرا في التعاطي مع الجانب الإيراني بكثير من التقية السياسية، وهو أمر لا يمكن النظر إليه إلا باعتباره نوعا من التخاذل والتردد الذي يضعف الكيان الخليجي ويجعل التصدي للخطر الإيراني أمرا في غاية الصعوبة.
السعودية تقوم بدور رأس الحربة في هذه المواجهة التي تستخدم فيها الأسلحة الدبلوماسية والاقتصادية الممكنة كافة وهو أمر ليس خافيا على أحد، إلا أن الأحداث التي وقعت في اليومين الماضيين في اليمن تؤشر إلى أن القادم قد يكون أعظم وأخطر، فرغم محاولات السعودية الحد من التدخلات الإيرانية نجد أن عملاء طهران في اليمن تمكنوا من بسط نفوذهم شبه المطلق وتمكنوا من فرض أنفسهم باعتبارهم الحكام الجدد للبلاد.
دول الخليج يجب أن تبدأ فعليا في التفكير في توحيد الجهود بالمفهوم الأمني والعسكري، وأقول جميع الدول، خصوصا تلك التي فضلت الحياد في الموضوع الإيراني، فلا يمكن أن يستمر الخطاب توفيقيا ودبلوماسيا ونحن نرى أن طهران اليوم تحيط بكماشتها بالخليج من الاتجاهات كافة، فهل السعودية مطالبة إلى الأبد بأن تقوم بدور الأخ الأكبر، خصوصا أن الخطر اليوم لم يعد دبلوماسيا فقط، بل أصبح واقعا مقلقا على الأرض، ألم يحن الوقت لزوال تحفظات البعض والإعلان بالإجمال عن تأسيس الاتحاد الخليجي، الذي دعت إليه السعودية لحماية دول الخليج جميعها؟