خبر عابر يقول: إنه تم القبض في مدينة الرس على ساحر لديه (250) عملا جاهزا مدفوع التكاليف ما بين طلبات للعطف والتفريق بين الأزواج واعتلاء المناصب وتسكير الأقطاب، وإلى هنا سنمرر الخبر كونه من الأخبار الدارجة بين وقت وآخر ولكن بقية الخبر يقول ووجد لديه (1300) عمل مطلوب تجهيزه منها طلبات من جميع محافظات القصيم. نعم القصيم والتي تعتبر من أكثر المدن محافظة دينيا واجتماعيا، هذه الطلبات ليست قصرا على فئة نساء، وأميين، بل منهم رجال أعمال وأصحاب مناصب، وأشخاص متعلمون. على ماذا يدل هذا الرقم المخيف ولنلاحظ أنه فقط في مدينة صغيرة، ماذا عن بقية مدن المملكة المترامية الأطراف، الآلاف فيها قد يكون الآن على اتفاق مع أحدهم لإنجاز أحد مهامه الشيطانية. هل تبدو هذه أفعالا تنسجم مع خصوصية وقوة الاعتقاد الديني الذي نعيشه على مدار الـ24 ساعة بين مساجد وذكر وصلاة؟!
تعاطي المجتمع المسلم للسحر ليس بالأمر الجديد بل هو امتداد تاريخي ثقافي قديم باعتبار السحر احترافا عربيا على نحو كبير. فهناك سوق سوداء لبيع منتجات السحر ولا أفضل هنا بوصفها بصفة شعوذة كما هو رائج لأن من يقومون به أثبتوا أنه ليس شعوذة فكلمة شعوذة تقال للشيء العشوائي المزيف بل أثبتوا أنهم يقومون بعمل متقن وقادر على الإيذاء. والدليل هو كل الحالات الحقيقية التي ما زالت تحت الرحمة الإلهية، المراكز التي أقامتها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لضبط القائمين على تلك الأعمال الشريرة الشيطانية، البلاغات اليومية التي تسقط كبار السحرة والساحرات المنتشرين في المدن بيننا ومن حولنا كل هذا يدل على حقيقة وجود هذه القوة الشيطانية وتأثيرها.
البعض سيقول إن السبب هو تقصير وسائل الإعلام في محاربة السحر والسحرة وعدم فتح المجال أمام أهل الاختصاص لمحاربته، وهذا ليس بصحيح لأن كل هذه المعطيات متوفرة ولكن الخلل يكمن في طريقة التفكير والثقافة المتوحشة والوعي المشوه، هذا الثالوث هو محرك أساسي في اتساع دائرة الشر. أيضا قساوة النفوس وتلوث الروح من مؤشرات تعاطي المجتمع المتدين المسلم للسحر إنتاجا واستهلاكا، هذا يدل بشكل واضح على صمود قوة مفهوم السحر أمام كل الخطابات الدينية والروحية بحيث بقيت هذه السوق سوقا رائجة نتيجة الطلب عليها.
هناك إحصائية عربية تقول: في العالم العربي يوجد ساحر واحد لكل 1000 نسمة من المواطنين العرب. كما استخلصت الدكتورة سامية الساعاتي في دراسة لها عن السحر في المجتمعات العربية أن 55% من المترددات على السحرة هن من المتعلمات ومن المثقفات، و24% ممن يجدن القراءة. ومثلهم من الرجال.
ويبقى الكثير من علامات الاستفهام عن معايير مجتمع مسلم يحرم مثل هذه الأعمال ويطلبها في الوقت نفسه حتى لنكاد نقول إنه أصبح هناك ساحر لكل مواطن.