اعتدنا في بعض الأعمال التلفزيونية القديمة على مشهد فارس ملثم يظهر تحت جنح الظلام لينقذ عائلة فقيرة، أو محتاجا أو أرملة أو يتيما. يذهب الفارس الملثم ويبقى خياله راسخا في ذاكرتنا. بطل أسطوري، يعمل بصمت ودون بريق أو بهرجة أو تلميع؛ لأجل إصلاح البشرية وإنقاذها ومساعدة من يحتاج للمساعدة، ومد يد العون لمن يحتاج إلى العون!
لا أحد يعلم من هو. مجرد تخمينات. توقعات تخطئ في تحديد هويته غالبا. قد يكون رجلا. قد يكون امرأة. قد يكون من أهل القرية. قد يكون غريبا وافدا من قرية أخرى!
الأيام الماضية ظهر في بلادنا عدد من الفرسان الملثمين، الذين كانوا يعملون في صمت وينثرون البسمة خلال تسع ثوان، ثم يختفون. ومرة أخرى: لا أحد يعلم من هم. مجرد تخمينات. توقعات تخطئ في تحديد هويتهم غالبا!
مجموعة شباب مجهولون يقدمون مشاهد كوميدية صامتة مصورة، المؤثر الصوتي الوحيد كان شيلة حزينة تقول كلماتها البارحة قلبي من الهم ما بات، كانت غايتهم الوحيدة أن يرسموا البسمة على أفواه الناس من خلال لقطات عفوية، المركبات والسيارات هي مسرح العرض المتنقل، بعضهم استخدم طائرات وأجهزة ودراجات. بعضهم غامر بحياته كما شاهدنا، وبعضهم يقدم أفكارا مجنونة، والغاية في نهاية المطاف هي نشر البسمة ورسمها!
واللافت كما قلت قبل قليل أنهم ملثمون. أغلبهم يخفي وجهه، أو يحاول ألا يبدو واضحا. الخوف من سلطة هذا المجتمع المتحفظ الذي يسعون لإسعاده. إنه زمن العجائب!
يقول أكاديمي سوداوي ثقيل دم قبل أيام تعليقا على هذه المشاهد الصامتة الطريفة، إنها تدل على أزمات نفسية لدى أصحابها، وأنهم يعمدون إلى ذلك من أجل حب الظهور والخروج من أزماتهم تلك. وقد لا أكون مبالغا إن قلت أن هذا وأمثاله هم سبب الاكتئاب في المجتمع؛ لوأدهم كل محاولة ترويحية أو ترفيهية!
الخلاصة: لسنا في حاجة إلى شخص يائس مكتئب يحارب هذه المشاهد الكوميدية ويحاسبها وفقا لثقافته، أو حالته النفسية. نحن فقط في حاجة إلى أن تبادر جمعية الثقافة والفنون للبحث عن المواهب الكوميدية المدفونة في هذا المجتمع. في حاجة إلى من يمد يده لهذه المواهب وينهض بها!