مناهجنا عليها تخصيص جزء من مفرداتها لبيان مفهوم الجهاد وعلى من يجب ومتى يجب وعلاقة رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام مع المخالفين في السلم والحرب ومعاملته للأسرى، وبيان حقوق ولي الأمر وواجباته، وحكم الخروج عنه
الجريمة المنظمة.. تتفاقم يوما بعد يوم ونحن عاجزون عن استيعاب كيف نمى هذا الفكر الإجرامي في نفوس شبابنا وشباب الأمة الإسلامية! وكيف تحول الجهاد في سبيل الله إلى سفك الدماء التي حرم الله، وكيف استباحوا الدماء المؤمنة والآمنة؟! وكيف امتهنوا الغدر وكيف أقبلوا على القتل؟!
أتساءل هل بالإمكان تمرير من سيقع في أيدينا من هؤلاء عبر أجهزة كاشفة قبل اقترابهم من رجال أمننا، فقد استهدف أميرنا محمد بن نايف وزير الداخلية - حفظه الله - ممن ادعى الندم فرد المولى كيده في نحره بحمد الله سبحانه (فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين)، ولتُكرر الديباجة بشكل أو بآخر عند حدودنا الشمالية الأسبوع الماضي، لكننا هذه المرة قدر الله - سبحانه - أن يستشهد رجال نعدهم من أفاضلنا، إثر تفجير أحدهم حزاما ناسفا.
خسارتنا لهؤلاء لا تقدر بثمن وتضحياتهم في سبيل عيشنا في أمن وسلام أكبر من أن توصف بكلمات، جزاهم الله عنا خيرا وألهم أهلهم الصبر والسلوان، وشفا الله الشافي المعافي المصابين منهم إنه ولي ذلك والقادر عليه.
لا أعرف إن كان يحق لي أم لا ولكني مع شكري وتقديري لرجل الأعمال منصور البلوي ووقفته المعنوية والمادية مع ذوي الشهيد عودة البلوي، كنت أتطلع منه إلى أن يولي اهتمامه لرفيقيه اللذين استشهدا معه وهما العريف طارق حلوي والجندي يحيى نجمي أو على الأقل ألا يسمح بالإعلان عن موقفه على اعتبار أن ما قدمه ليس تبرعا فهو ابن عم الشهيد، رحمهم الله جميعهم وأسكنهم فسيح جناته.
ومن ناحية أخرى، سعدت جدا بتسمية أحد ميادين عرر ميدان الشهداء تنفيذا لتوجيه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية، كما أسعدني اقتراح مجلس بلدية منطقة الحدود الشمالية والقاضي بإطلاق أسماء الشهداء على ثلاثة شوارع رئيسة في مدينة عرعر.. فالواجب يحتم علينا تذكر تضحية شهدائنا كافة من رجال الأمن رحمهم الله.
غني عن البيان أن الإرهابيين هؤلاء ينطبق عليهم قول الله تعالى: (يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح)، فعلى فرض أنه ثبت أنهم مولودون من مواطنين أو أن أغلبهم كذلك، فلن يكون هذا رادعا لأن نقول إنهم ليسوا منا، فقد غدروا وخانوا وتمادوا في غيهم فقتلوا النفس التي حرم الله، ولا أعرف من أي مخرجات نبتوا؟! وكيف برمجت عقولهم على الجريمة؟! فاستساغوا رائحة الدماء المسفوكة غدرا! بل كيف وجهوا سهامهم للآمنين المستأمنين؟! وكيف تطلعت نفوسهم إلى الانتحار بدعوة أنهم سينالون مرتبة الشهداء! لهؤلاء أقول: الكفر ملة واحدة، والله الهادي إلى سواء السبيل.
داعش والتي أحبذ تسميتها تاعس لكونه اسما ينطبق عليها أشد الانطباق فهي تاعس.. ومتعوس بمعنى: هلك وشقي وسقط على وجهه، وهذا بإذن الله الحق العدل مصير كل من صافحها ووقف بجانبها وسار مسارها ونهج منهاجها مؤيدا لفكرها أو داعما لها.. هذه العصبة مآلها بإذن الله للخزي في الدنيا والآخرة، فهي لم تسرق منا فلذات أكبادنا فقط، بل حملتهم السلاح وصوبته إلى صدرونا، وأوهمتهم أننا الأعداء الواجب قتلهم، وصمتنا بالكفر زورا وبهتانا.. هؤلاء وباء علينا استئصاله من جذوره، والقضاء عليه نهائيا ليكون بحكم البائد المنقرض، وهذا يتطلب تسخير قوانا الدينية والفكرية والإعلامية كافة وبطبيعة الحال مؤسساتنا التعليمية، الواجب علينا تجاه ديننا الحنيف ثم تجاه وطننا العمل على الكشف عن تزييف هذه الجماعة للحقائق الدينية واستهدافها للشباب والعمل على استثمار شبابهم وعنفوانهم لتحقيق أغراضها الإجرامية.. هؤلاء يعتقدون يقينا أنهم قادرون على جذب الشباب لكونهم، بحسب اعتقادهم، قليلي الحيلة يغلب عليهم الحماس، هم يعتقدون أن من السهل تيسيرهم بالقليل القليل من الكلمات المعسولة التي تضخم من كيانهم وتعظم من شأنهم ليقذفوا في النهاية في قاع جهنم.. هؤلاء يستثمرون قواهم التي مع الأسف غفل الكثير منا عنها، يعمدون لذلك بما يحقق خططهم الإجرامية، لقد أفسح بعضنا مع الأسف الشديد المجال لهم ولغيرهم ليلعبوا الورقة الرابحة ويحولوا أبناءنا إلى أعداء يسعون إلى الفتك بنا.. بل لن يتورعوا لقتل أنفسهم محللين سفك الدماء المسلمة والآمنة ودمائهم.
وأعتقد أن الاستعانة بالشباب المؤهلين ليتحدثوا عن القضايا المعاصرة مع من هم من جيلهم أو قريبين منهم سيكون له الأثر الإيجابي، وحبذا لو أمضوا فترة من الزمن مرافقين لمن أثبت قدرته في إدارة الحوار معهم وتوضيح الحقائق لهم، وأول خطوة على من نذر نفسه للدفاع عن الدين وتعاليمه وتبرئة الجهاد مما تمارسه تاعس وأشبهاها هو احترام الشباب والإنصات لهم، ومن ثم إفساح المجال ما دعت الحاجة إلى ذلك لبيان أفكارهم لعلنا نوضح لهم الحقائق.
كما أعتقد أن مناهجنا عليها تخصيص جزء من مفرداتها لبيان مفهوم الجهاد وعلى من يجب ومتى يجب وعلاقة رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام مع المخالفين في السلم والحرب ومعاملته للأسرى، وبيان حقوق ولي الأمر وواجباته، وحكم الخروج عنه والمترتب على ذلك. فلو لم نوضح الحقائق لهم وجعلناها من القضايا المسكوت عنها، سنفسح المجال لأعدائنا من تاعس وغيرهم للولوج إلى عقولهم والاستحواذ عليهم.