لعلي في رسالتي هذه إلى وزير الشؤون الإسلامية الدكتور سليمان أبا الخيل، أبث بعضا من الكلام عن جانب يؤلمنا، بعدما أعيتنا كثرة المتكسبين من الشأن الديني، وبات أمر إيقافهم وردعهم مطلوبا بشدة. نشير إلى ذلك بعد أن رفضنا مجتمعين الاتجار السياسي بالدين من قبل حركات أرادت بواسطته الوصول إلى غايات سياسية.
والآن لنتحول اجتماعيا ونرفض الاتجار بالدين لمغنم دنيوي، وهي إشكالية وآفة كبرى أصابت مجتمعنا، الهدف منها استغلال الدين للانتصار وتحقيق المكتسبات الشخصية أو لتحصيل أموال أكثر، ومثل ذلك نؤمن ألا علاقة له بالدين الحقيقي المسؤول عن تنظيم الحياة والمجتمع، فما نرمي إليه هو الاستغلال الذي بات منتشرا ونلمسه متتاليا ولم نستطع إيقافه.
لن نطيل.. ونكتفي بجانبين من المسؤوليات المبعثرة الخاصة بالوزارة أتمنى أن يطالهما التنظيم بما يجعل ديننا الحنيف أكثر ترفعا مما أراد البعض المتكسب أن يضعه فيه.
في الجانب الأول، تأتي مسؤولية الوزارة الأولى وهي الدعوة والإرشاد لأجل حماية المجتمع من التطرف، ويبدو لي ـ كما غيري ـ أنه ليس هناك منهج واضح أو خطة قائمة للتصدي للتطرف الديني الذي بات يلتهم كثيرا من شبابنا ويجعلهم أكثر عرضة للاستغلال. ولأكون أكثر صراحة، فإننا لا نجد مثل ذلك في بعض خطب الجمعة والندوات التوعوية، وكأن مهمة كثير من الخطباء والدعاة استغلال الأزمات والاختلافات لأجل الانتصار لرأي على آخر، حتى في القضايا الخلافية بين المذاهب الإسلامية، ينطلق عنان القذف من على المنابر لتدب الفوضى في الفكر المجتمعي، فهل من واجب وزارتكم أن تكون قادرة على ضبط المنتمين إليها، وبما يمنع الخلط الكبير من جراء الفوضى القائمة التي أدت إلى انقسامات مضرة في المجتمع السعودي؟. نؤكد على ذلك ولا سيما أن وزارتكم هي المعنية كما يحمل اسمها بكل ما من شأنه الدعوة والإرشاد.
جانب آخر يذهب إلى التسيب الظاهر في كثير من الخدمات التي لا بد أن يعنى بها متخصصون شرعيا، ولعلنا في شأن يخص الوزارة نجد فردا واحدا يعنى بأكثر من أربع وظائف شرعية في وقت واحد!
فمثلا نجد إمام المسجد هو موظف حكومي وعاقد أنكحة ووكيل شرعي، وغيرها من مجالات الاتجار والتكسب التي باتت موقعا للفوضى. أوليس مثل ذلك يحتاج إلى تنظيم مباشر من وزارتكم؟ والسؤال الآخر الذي ينبعث من رحم هذا التكسب: لماذا لا تكون وظيفتا الإمام والمؤذن رسميتين من قبل وزارتكم، وفق مهام متكاملة وبمراتب تدريجية معروفة، يمنع من خلالها ازدواج العمل، فمثل ذلك قد يفك بعضا من البطالة التي نعاني منها؟
ختام القول، إنه من الجدير أن تعمد الوزارة المعنية بالشأن الإسلامي إلى فرض تنظيمات أكبر في كل ما من شأنه عمل شرعي إسلامي، فقد أعيتنا الفوضى حتى أصبح التكسب بالدين واستغلاله لتبني مواقف ضد أخرى عملا حاضرا وبكثرة بين ظهرانينا، رغم أننا استلهمنا توجيهنا الحقيقي في هذه البلاد من رب العباد وسنة رسوله عليه أفضل الصلاة والتسليم.