جماعة 'هل تصدق؟' لا يزالون يشكلون أقلية ليست معتبرة وهم يتكسبون من المشاكل والقلاقل والعلاقات المتوترة. أما القاعدة العريضة فهم الذين يتطلعون دائماً لرأب الصدع وإزالة أسباب الخلاف بين الأشقاء
أضحكني الكاتب المصري الساخر علي سالم في زاويته في الشرق الأوسط وهو يعلق على بعض من وصفهم بمثقفي الفضاء وهم الذين يملؤون الشاشات صبح مساء يتداخلون ويعلقون على كل حدث ولهم في كل عرس قرص.
ويذكر الأستاذ المسرحي الكبير علي سالم أن اتفاق المصالحة بين مصر وقطر قد أصاب بعض المعلقين الفضائيين بالحزن المروع، إذ يقول إن مثل هؤلاء بعد هذا الصلح قد خسروا قطر كعدو، لأن هؤلاء الفضائيين بحسب علي سالم يستمدون مبرر وجودهم من العداء والخصومة مع الآخرين، ثم يقول في سخرية مريرة: أستطيع أن أعلن عن أحدث اكتشافاتي وهو أن بعض الناس يعتزون بما يملكونه من مال وعقار، أما هؤلاء الكتاب الفضائيين من قادة الرأي العام فيعتزون بما يملكونه من عداء للآخرين، وبالتالي تكون النتيجة أن مصر عندما تدخل صلحاً مع أي أحد فإنهم على الفور يشعرون أن الحكومة قد صادرت جزءاً كبيراً من ثروتهم خاصة وأن العداء لأميركا وأوروبا وغيرهما هو ثروتهم الحقيقية، وأنهم قد أفلتوا مما تفرضه المصالحة من واجبات من خلال تكوين جماعة جديدة شعارها وهل تصدق؟ وعليه فقد خرجت عن هذه الجماعة عشرات المقالات تسألك هل تصدق أن قطر ستقبل هذه المصالحة؟ أو أن قطر ستحترم هذه المصالحة؟
ويذكر الأستاذ علي سالم أن هذه الجماعة هل تصدق؟ هي التي أفسدت وتفسد الكثير من مشاريع المصالحة والسلام.
ومما لا يغيب عن فطنة الساخر الفاخر علي سالم أن هذه الجماعة متجذرة ولها فروعها في العالم العربي تحت مسميات مختلفة ومنها في المملكة والخليج جماعة بالله عليك!، أو من جدك!
وهو تساؤل فحواه هل صحيح أم أنك تمزح؟
أما فرع الجماعة في دول المغرب العربي فإنهم يستعيضون عن وهل تصدق؟ بكلمة وحق الله؟ وهو استحلاف يستدر التصديق، وفي الأردن يستنكرون حين يقول أحدهم شو عم بيقول هاض؟.
والأصل في جماعة وهل تصدق؟ هو الاتكال والاتكاء على نظرية المؤامرة التي يفتقر المتورطون بتبنيها للثقة في كل ما يصدر من إيجابيات ويظلون ينهمكون في البحث عن الوجه السلبي أو التآمري لذلك المنجز الإيجابي.
إن معظم منسوبي هذه الجماعة يلجؤون لهذا الاستسهال وعدم التصديق لأنهم في الغالب من رواد وقعّاد المقاهي من أنصاف المثقفين المتقاعدين الذين يصدرون في آرائهم غالباً عن النقاش أو الجدل القهوجي، وهو الرأي الذي لا يستند على المعلومات والقراءة والتحليل ولكنه على العكس من ذلك ينتج غالباً من نزوة عاطفية وحمية وطنية قاصرة.
لا شك أن ساعات البث الفضائي المتواصلة هي التي تضطر هذه القنوات لملء هذه الأوقات بالكلام والهذر الذي لا ينقضي، ومعه تضطر القنوات إلى استضافة الصالح والطالح والقدرات الفصيحة والنطيحة، وليت هذه القنوات تحصر استضافتها في عدد محدود من الضالعين الراسخين في الشؤون السياسية وغيرها حتى لا تتفاقم في عالمنا العربي المشاكل البينية التي يثيرها الذين لديهم هواية تجميع الأعداء، والذين تتضرر مصالحهم مع أي حالة صلح أو سلام كما يقول الأستاذ علي سالم.
لكن رغم كل شيء فإن حزب أو جماعة هل تصدق؟ لا يزالون يشكلون أقلية ليست معتبرة وهم يتكسبون من المشاكل والقلاقل والعلاقات المتوترة.
أما القاعدة العريضة فهم الذين يتطلعون دائماً لرأب الصدع وإزالة أسباب الخلاف والتنازع بين الأشقاء، وبالتالي فقد أسعدهم كثيراً حالة الانفراج السياسي في العلاقات بين الشقيقتين قطر ومصر بما يعود بالمصلحة على العالم العربي ولايزالون يتطلعون للمزيد في هذا الشأن القومي المهم.